فالمسلم لا يبني فردا الا في جماعة. ولا يتصور الاسلام قائما الا في محيط جماعة منظمة ذات ارتباط ، وذات نظام. وذات هدف منوط في الوقت ذاته بكل فرد فيها.
والاساس الاول لها هذا المنهج الالهي ، الذي يفرض نفسه حتميا أن يقوم في ضمير كل مسلم صحيح الاسلام عقيدة ومبدأ وان يصحبه المسلم في كل عمل من أعماله ، يسير على وفقه وارادته وهو لا يقوم في الأرض الا في مجتمع يعيش ويتحرك ويعمل وينتج في حدود ذلك المنهج الالهي.
والاسلام على شدة ما عنى بالضمير الفردي وبالتبعة الفردية ـ ليس دين أفراد منعزلين كل واحد منهم يعبد الله في صومعة من الصوامع.
ولم يجيء الاسلام ، لينعزل بأفراده هذه العزلة ، وانما جاء ليحكم حياة البشرية ويصرفها ، ويهيمن على كل نشاط فردي وجماعي ، وفي اتجاه من اتجاهاتها.
والبشرية في شريعة الاسلام لا يرضى لها أن تعيش افرادا ، وانما يفرض عليها عيش الجماعات والامم ، والاسلام جاء ليحكم أمته ، ويبني لها أساس العز والعدل والمجد والسعادة. ومن ثم فان آدابه وقواعده ونظمه كلها مصوغة على هذا الاساس البديع الرائع ، ولذا تراه حينما يوجه اهتمامه الى تطهير الفرد من جميع الكدورات والنقائص ، فهو يصوغ هذا الضمير ، على أساس أنه يعيش في جماعة وامة متوجهين الى الله وحده ، ويلزم المسلمين أن يحافظوا على أمانة دينه في الارض ، لتحيا جميع أنحاء الارض. وأن يطبقوا منهاجه في الحياة ، ليسعد كافة الناس أفرادا وجماعة وأمما.
ومنذ اليوم الاول للدعوة ، قام مجتمع اسلامي ـ أو جماعة مسلمة ـ ذات قيادة مطاعة هي قيادة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ،