وكانت النقلة عظيمة ، بين الصورة الباهته المحرّفة المشوّهه من ملة ابراهيم (ع) التي يستمسك بخيوط حائلة منها ، مشركوا قريش ويلصقون بها الترهات والاساطير والاباطيل السائدة عندهم. وبين الصورة الباهرة العظيمة المستقلة الواضحة البسيطة الشاملة المحيطة التي جاءهم بها محمد صلىاللهعليهوآله. متفقة في أصولها مع الحنفية الاولى ـ دين ابراهيم (ع) ـ وبالغة الكمال الذي يناسب كونها الرسالة الاخيرة للارض. الباقية لتخاطب الرشد العقلي في البشرية الى آخر الزمان.
وكانت النقلة عظيمة بين الشرك بالله وتعدد الأرباب. وعبادة الملائكة وتماثيلها والتعبد للجن وارواحها. وسائر هذه التصورات المضطربة المفككة التي تتألف منها عقيدة الجاهلية .. وبين الصورة الباهرة التي يرسمها القرآن المجيد للذات الالهية الواحدة وعظمتها وقدرتها. وتعلق ارادتها بكل مخلوق.
كذلك كانت النقلة عظيمة بين الطبقة السائدة في الجزيرة والكهانة السائدة في ديانتها. واختصاص طبقات بالذات بالسيادة ، والشرف وسدانة الكعبة والقيام بينها وبين العرب الأخرين .. وبين البساطة والمساواة امام الله والاتصال المباشر بينه وبين عباده كما جاء بها القرآن.
ومثلها كانت النقلة بين الاخلاق السائدة في الجاهلية والاخلاق التي جاء القرآن يبشر بها ، وجاء محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. يدعو اليها ويمثلها.
وكانت هذه النقلة وحدها كافية للتصادم بين العقيدة الجديدة. وبين قريش ومعتقداتها واخلاقها : ولكن هذه النقلة وحدها كافية فقد كان الى جانبها اعتبارات ـ وربما كانت أضخم في تقدير قريش من العقيدة ذاتها ـ على ضخامتها.
وكانت هناك الاعتبارات الاجتماعية التي دعت بعضهم ان يقول كما حكى عنهم القرآن الكريم في قوله عزوجل :