الشوارع والنوادي والمكاتب والمصانع. بحجة أنهم يريدون تثقيفها وتمدنها وتقدمها.
فصدقت تلك الوديعة العذراء أولئك الاسافل الاشرار ، وحسبت أنهم لها ناصحون محبون.
فتركت حصن الاسلام وصيانة الايمان ، الذي صان شرفها وعفافها عن كل ما يشينها ، ويحميها من أولئك الاشرار من أن يصلوا اليها بأي دنية أو رذيلة ، مادامت ، في ذلك الحصن المنيع والحرز الرفيع.
فخرجت (تلك الوديعة المسكينة) ، وتجردت من سترها وعفافها. الى أولئك الاشرار وانخدعت بحيلتهم الخبيثة ، واحبولتهم الكاذبة ، وما أن خرجت من ذلك الحصن الحصين والحرز المنيع ، حتى تلقفها الاسافل الاشرار والاراذل الكفار يعبثون بها. تلقف الكرة بأرجل الصبيان ، وتلقف الشاة السمينة عند هجوم الذئاب الجائعة عليها من كل جانب ، وهذا بعض ما أصاب الفتاة المسكينة في هذه العصور المظلمة.
يالها من بلية ما أفجعها في الاسلام ، ومصيبة ما أوجعها لقلوب المؤمنين والاخيار ، حينما يرون أولئك الاشرار يفسدون ويعبثون بتلك الفتاة المسكينة ، ويسلبون منها فضيلتها وكرامتها ، وشرفها وعفافها. الذي هو أثمن ما وهبه لها خالقها وبارئها.
ومع هذا فهي فرحة مسرورة. لاحتمالها الموهوم وطمعها المخدوع ان هؤلاء العابثين بها يعلمونها الثقافة والحضارة ، والرقي والتقدم ، بهذا الفعل الشنيع والعمل القبيح. خدعوها وغروها قاتلهم الله رب العالمين.
فمتى يذهب عن هذه المسكينة سكرها وتنتبه من رقدتها ، وتعرف عدوها من صديقها ، ومسلبها من معطيها ، وفاضحها من ساترها ، ومخسرها من مربحها.
فمتى تحس بذلك وتدركه وترجع الى حصنها الذي جعله لها خالقها وحرزها الذي عينه لها بارئها ، ليقيها الفساد والضلال ، ويحفظ لها