شديدة البرد ، فجعلت تكفأ قدورهم ، وتطرح أبنيتهم. فلما انتهى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما اختلف من أمرهم ، وما فرق الله من جماعتهم ، دعا حذيفة بن اليمان ، فبعثه إليهم ، لينظر ما فعل القوم ليلا.
* * *
قال حذيفة : فذهبت فدخلت فى القوم والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل ، لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء. فقام أبو سفيان ، فقال : يا معشر قريش ، لينظر امرؤ من جليسه؟ قال حذيفة : فأخذت بيد الرجل الذى كان إلى جنبى ، فقلت : من أنت؟ قال : فلان ابن فلان.
ثم قال أبو سفيان : يا معشر قريش ، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام ، لقد هلك الكراع والخف ، وأخلفتنا بنو قريظة ، وبلغنا عنهم الذى نكره ، ولقينا من شدة الريح ما ترون ، ما تطمئن لنا قدر ، ولا تقوم لنا نار ، ولا يستمسك لنا بناء ، فارتحلوا فإنى مرتحل. ثم قام إلى جمله وهو معقول ، فجلس عليه ، ثم ضربه ، فوثب به على ثلاث ، فو الله ما أطلق عقاله إلا وهو قائم ، ولو لا عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى «أن لا تحدث شيئا حتى تأتينى» ثم شئت لقتلته بسهم.
قال حذيفة : فرجعت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو قائم يصلى فى مرط لبعض نسائه ، مراجل ، فلما رآنى أدخلنى إلى رجليه ، وطرح علىّ طرف المرط ، ثم ركع وسجد ، وإنى لقيه ، فلما سلم أخبرته الخبر ، وسمعت غطفان بما فعلت قريش ، فانشمروا راجعين إلى بلادهم.
ولما أصبح رسول الله صلىاللهعليهوسلم انصرف عن الخندق راجعا إلى المدينة والمسلمون ، ووضعوا السلاح.
* * *