فلما كانت الظهر ، أتى جبريل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، معتجرا بعمامة من استبرق على بغلة عليها رحالة ، عليها قطيفة من ديباج ، فقال : أو قد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال : نعم ، فقال جبريل : فما وضعت الملائكة السلاح بعد ، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم. إن الله عزوجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بنى قريظة ، فإنى عامد إليهم فمزلزل بهم.
فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم مؤذنا ، فأذن فى الناس ، من كان سامعا مطيعا ، فلا يصلينّ العصر إلا ببنى قريظة. واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم.
وقدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم علىّ بن أبى طالب برايته إلى بنى قريظة ، وابتدرها الناس. فسار على بن أبى طالب ، حتى إذا دنا من الحصون سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فرجع حتى لقى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالطريق ، فقال : يا رسول الله ، لا عليك ألا تدنو من هؤلاء الأخابث ، قال : لم؟ أظنك سمعت منهم لى أذى؟ قال : نعم يا رسول الله ، قال لو : رأونى لم يقولوا من ذلك شيئا. فلما دنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم من حصونهم. قال : يا إخوان القردة ، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته؟ قالوا : يا أبا القاسم ، ما كنت جهولا.
ومر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بنفر من أصحابه بالصورين (١) قبل أن يصل إلى بنى قريظة فقال : هل مر بكم أحد؟ قالوا : يا رسول الله ، قد مر بنا دحية بن خليفة الكلبى ، على بغلة بيضاء عليها رحالة ، عليها قطيفة ديباج. فقال
__________________
(١) الصورين : موضع قرب المدينة.