ثم إن توبة أبى لبابة نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم من السحر ، وهو فى بيت أم سلمة. فقالت أم سلمة : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم من السحر وهو يضحك ، فقلت : مم تضحك يا رسول الله ، أضحك الله سنك؟ قال : تيب على أبى لبابة ، قالت : قلت : أفلا أبشره يا رسول الله؟ قال : بلى ، إن شئت. فقامت على باب حجرتها ـ وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب ـ فقالت : يا أبا لبابة ، أبشر فقد تاب الله عليك. فثار الناس إليه ليطلقوه ، فقال : لا والله حتى يكون رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو الذى يطلقنى بيده ، فلما مر عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه.
* * *
وقد أقام أبو لبابة مرتبطا بالجذع ست ليال ، تأتيه امرأته فى كل وقت صلاة ، فتحله للصلاة ، ثم يعود فيرتبط بالجذع ، ثم إن ثعلبة بن سعية ، وأسيد ابن سعية ، وأسد بن عبيد ، وهم نفر من بنى هدل ، ليسوا من بنى قريظة ولا النضير ، هم بنو عم القوم ، أسلموا تلك الليلة التى نزلت فيها بنو قريظة على حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وخرج فى تلك الليلة عمرو بن سعدى القرظى ، فمر بحرس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وعليه محمد بن مسلمة تلك الليلة ، فلما رآه قال : من هذا؟ قال : أنا عمرو بن سعدى ـ وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بنى قريظة فى غدرهم برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال : لا أغدر بمحمد أبدا ـ فقال محمد بن مسلمة حين عرفه : اللهم لا تحرمنى إقالة عثرات الكرام ، ثم خلى سبيله. فخرج على وجهه حتى أتى باب مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة تلك الليلة ، ثم ذهب فلم يدر أين توجه من الأرض