إلى سيدكم ـ فأما المهاجرون من قريش فيقولون : إنما أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأنصار ، وأما الأنصار ، فيقولون : قد عم بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ فقاموا إليه فقالوا : يا أبا عمر ، إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم ، فقال سعد بن معاذ : عليكم بذلك عهد الله وميثاقه ، أن الحكم فيهم لما حكمت؟ قالوا : نعم ، وعلى من هاهنا ، فى الناحية التى فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه إجلالا له. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : نعم ، قال سعد : فإنى أحكم فيهم أن تقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتسبى الذرارى والنساء.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لسعد : «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة» ، ثم استنزلوا ، فحبسهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة فى دار بنت الحارث ، امرأة من بنى النجار ، ثم خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى سوق المدينة ، التى هى سوقها اليوم ، فخندق بها خنادق ، ثم بعث إليهم ، فضرب أعناقهم فى تلك الخنادق ، يخرج بهم إليه أرسالا ، وفيهم عدو الله حيى بن أخطب ، وكعب بن أسد ، رأس القوم ، وهم ستمائة أو سبعمائة ، والمكثر لهم يقول : كانوا بين الثمانمائة والتسعمائة. ولقد قالوا لكعب بن أسد ، وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرسالا : يا كعب ، ما تراه يصنع بنا؟ قال : فى كل موطن لا تعقلون؟ ألا ترون الداعى لا ينزع ، وأنه من ذهب به منكم لا يرجع؟ هو والله القتل. فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
* * *
وأتى يحيى بن أخطب عدو الله ، وعليه حلة له من الوشى قد شقها عليه