فلما اطمأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أعدت له زينب بنت الحارث ، امرأة سلام بن مشكم ، شاة مصلية (١) ، وقد سألت : أى عضو من الشاة أحب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقيل لها : الذراع ، فأكثرت فيها السم ، ثم سمت سائر الشاة ، ثم جاءت بها ، فلما وضعتها بين يدى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، تناول الذراع ، فلاك منها مضغة ، فلم يسغها ، ومعه بشر بن البراء ابن معرور ، قد أخذ منها كما أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأما بشر فأساغها ، وأما رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلفظها ، ثم قال : إن هذا العظم ليخبرنى أنه مسموم ، ثم دعا بها ، فاعترفت ، فقال : ما حملك على ذلك؟ قالت : بلغت من قومى ما لم يخف عليك ، فقلت : إن كان ملكا استرحت منه ، وإن كان نبيّا فسيخبر ، فتجاوز عنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ومات بشر من أكلته التى أكل.
* * *
فلما فرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من خيبر ، قذف الله الرعب فى قلوب أهل فدك ، حين بلغهم ما أوقع الله تعالى بأهل خيبر ، فبعثوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويصالحونه على النصف من فدك ، فقدمت عليه رسلهم بخيبر ، أو بالطائف ، أو بعد ما قدم المدينة ، فقبل ذلك منهم ، فكانت فدك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم خالصة ، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب.
وقدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم فتح خيبر جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه ، فقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين عينيه والتزمه وقال : ما أدرى بأيهما أنا أسر : بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟
* * *
__________________
(١) مصلية : مشوية.