٢ ـ ولقد رأيت ، من التعقيب الذى عقبنا به على هذه الأحرف ، أن ثمانية منها تحتمل قراءات ، وأن ما أثبته الحجاج كان المشهور.
٣ ـ ولقد رأيت كذلك أن ثلاثة منها لم يقرأ بها أحد من القراء ، وهى «شريعة» التى غيرت إلى «شرعة» ، و«آتيكم» التى غيرت إلى «أنبئكم» و«معايشهم» ، التى غيرت إلى «معيشتهم».
ونحن نعرف :
٤ ـ أن الحجاج كان من حفّاظ القرآن المعدودين.
٥ ـ وأن الحجاج كانت على يديه الجولة الثانية فى نقط المصاحف وشكلها ، بعد أن كانت الجولة الأولى على يد الصحابة ، وكانت جولة الصحابة بداية لم تشمل القرآن كله بل كانت نوعا من التيسير.
يقول الدانى (١) بسند متّصل عن قتادة : بدءوا فنقطوا ثم خمّسوا ثم عشّروا ـ وهو يعنى الصحابة. ثم يقول فى إثر هذا : هذا يدل على أن الصحابة وأكابر التابعين هم المبتدءون بالنّقط ورسم الخموس والعشور.
وفى الجولة الثانية خلاف ، فمن الرّواة من يعزوها إلى أبى الأسود الدؤلى بعد أن طلبها منه زياد ، ومنهم من يعزوها إلى يحيى بن يعمر العدوانى ، وكان ذلك عن طلب الحجّاج.
ويقول الدانى : إن هذا هو الأعرف.
وما نظن الحجاج ، وهو الحافظ للقرآن ـ كان بعيدا عن يحيى بن يعمر ، كما لم يكن عثمان بعيدا عن زيد بن ثابت ، وسعيد.
وبهذا نستطيع أن نقول :
١ ـ إن هذه الأحرف الثلاثة التى لم يقرأ بها أحد لم تكن منقوطة ولا مشكولة ، فميزها النقط وبيّنها ، وكانت على ألسنة الناس كما كانت على لسان الحجّاج ، بدليل أنها لم ترد فى قراءة ، ولا ندرى كيف قامت هذه دعوى.
٢ ـ إن الأحرف الثمانية الباقية ، فيها قراءات ، كما مر بك ، والمشهور منها ما يعزى إلى الحجّاج أنه أثبته ، ولكن من أتّى لنا أن هذا الذى يقال إنّ الحجاج أثبته لم يكن ، وأن رسم مصحف عثمان كان يشتمل عليه ، وأن الحجاج لم يفعل غير أن بيّنه وميّزه.
__________________
(١) المحكم فى نقط المصاحف لأبى عمرو عثمان بن سعيد الدانيّ (ص : ٢ ـ ٣).