من تراب البطحاء ، فضرب بها وجه إياس بن معاذ ، وقال : دعنا منك ، فلعمرى لقد جئنا لغير هذا. فصمت إياس ، وقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم عنهم ، وانصرفوا إلى المدينة ، وكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج.
* * *
فلما أراد الله عزوجل إظهار دينه وإعزاز نبيه صلىاللهعليهوسلم ، وإنجاز موعده له ، خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى الموسم الذى لقيه فيه النفر من الأنصار ، فعرض نفسه على قبائل العرب ، كما كان يصنع فى كل موسم ، فبينما هو عند العقبة وجد رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا.
ولما لقيهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : من أنتم؟ قالوا : نفر من الخزرج. قال : أمن موالى يهود؟ قالوا : نعم. قال : أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا : بلى ، فجلسوا معه ، فدعاهم إلى الله عزوجل ، وعرض عليهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن.
وكان مما صنع الله بهم فى الإسلام ، أن يهود كانوا معهم فى بلادهم ، وكانوا أهل كتاب وعلم ، وكانوا هم أهل شرك وأصحاب أوثان ، وكانوا قد غزوهم ببلادهم فكانوا إذا كان بينهم شىء قالوا لهم : إن نبيّا مبعوث الآن ، قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم. فلما كلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أولئك النفر ، ودعاهم إلى الله ، قال بعضهم لبعض : يا قوم ، تعلموا والله إنه للنبى الذى توعدكم به يهود ، فلا تسبقكم إليه. فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام ، وقالوا : إنا قد تركه قومنا ، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم ، فعسى أن يجمعهم الله بك ، فسنقد