حتى أقدم على زوجى ، حتى إذا كنت بالتنعيم (١) لقيت عثمان بن طلحة بن أبى طلحة ، فقال لى : إلى أين يا بنت أبى أمية؟ فقلت : أريد زوجى بالمدينة. قال : أو ما معك أحد؟ فقلت ، لا والله ، إلا الله وبنى هذا. قال : والله مالك من مترك ، فأخذ بخطام البعير ، فانطلق معى يهوى بى ، فو الله ما صحبت رجلا من العرب قط ، أرى أنه كان أكرم منه ، كان إذا بلغ المنزل أناخ بى ، ثم استأخر عنى ، حتى إذا نزلت استأخر ببعيرى ، فحط عنه ، ثم قيده فى الشجرة ، ثم تنحى عنى إلى شجرة ، فاضطجع تحتها ، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيرى فقدمه فرحله ، ثم استأخر عنى ، وقال : اركبى ، فإذا ركبت واستويت على بعيرى أتى فأخذ بخطامه ، فقاده ، حتى ينزل بى. فلم يزل يصنع ذلك بى حتى أقدمنى المدينة ، فلما نظر إلى قرية بنى عمرو بن عوف بقباء ، قال : زوجك فى هذه القرية ـ وكان أبو سلمة بها نازلا ـ فادخليها على بركة الله ، ثم انصرف راجعا إلى مكة.
فكانت تقول : والله ما أعلم أهل بيت فى الإسلام أصابهم ما أصاب آل أبى سلمة ، وما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة.
* * *
ثم خرج عمر بن الخطاب ، وعياش بن أبى ربيعة المخزومى ، حتى قدما المدينة. قال عمر بن الخطاب : اتعدت ، لما أردنا الهجرة إلى المدينة ، أنا وعياش ابن أبى ربيعة ، وهشام بن العاصى بن وائل السهمى ، التناضب (٢) ، وقلنا
__________________
(١) التنعيم : موضع على فرسخين من مكة.
(٢) التناضب : موضع.