فقال : يا رسول الله إنما هنا ابنتاى ، وما ذاك؟ فداك أبى وأمى. فقال : إن الله قد أذن لى فى الخروج والهجرة.
فقال أبو بكر : الصحبة يا رسول الله. قال : الصحبة. ثم قال : يا نبى الله ، إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا. فاستأجرا عبد الله بن أريقط ، رجلا من بنى الدئل بن بكر ، وكانت أمه امرأة من بنى سهم بن عمرو ـ وكان مشركا ـ يدلهما على الطريق ، فدفعا إليه راحلتيهما ، فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما. ولم يعلم بخروج رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحد حين خرج ، إلا على بن أبى طالب. وأبو بكر الصديق ، وآل أبى بكر ، أما على ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخبره بخروجه ، وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم الودائع التى كانت عنده للناس وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليس بمكة أحد عنده شىء يخشى عليه إلا وضعه عنده ، لما يعلم من صدقه وأمانته ، صلىاللهعليهوسلم.
* * *
فلما أجمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخروج ، أتى أبا بكر بن أبى قحافة ، فخرجا من خوخة لأبى بكر فى ظهر بيته ، ثم عمدا إلى غار بثور ـ جبل بأسفل مكة ـ فدخلاه ، وأمر أبو بكر ابنه عبد الله بن أبى بكر أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره ، ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون فى ذلك اليوم من الخبر ، وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره ، ثم يريحها عليهما ، يأتيهما إذا أمسى فى الغار. وكانت أسماء بنت أبى بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما.
وانتهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر إلى الغار ليلا ، فدخل
(م ٧ ـ الموسوعة القرآنية ـ ج ١)