على سائر نساء النبي وتقول : زوّجني الله من النبي وانتنّ إنما زوّجكنّ أولياؤكن. ثم قال سبحانه (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) أي ما كان على النبي من اثم وضيق فيما فرض وأوجب عليه من التزويج بها ليبطل حكم الجاهلية في الادعياء (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) أي كسنة الله في الأنبياء الماضين ، وطريقته وشريعته فيهم في زوال الحرج عنهم وعن أممهم بما أحلّ سبحانه لهم من ملاذهم (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) معناه : جاريا على مقدار لا يكون فيه تفاوت من جهة الحكمة (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ) أي يؤدّونها إلى من بعثوا إليهم ولا يكتمونها (وَيَخْشَوْنَهُ) أي ويخافون الله مع ذلك في ترك ما أوجبه عليهم (وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ) ولا يخافون من سوى الله فيما يتعلق بالأداء والتبليغ (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) أي حافظا لأعمال خلقه ، ومحاسبا مجازيا عليها (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) الذين لم يلدهم ، وفي هذا بيان أنه ليس بأب لزيد فتحرم عليه زوجته ، فإن تحريم زوجة الإبن معلق بثبوت النسب ، فمن لا نسب له لا حرمة لامرأته ، ولهذا أشار إليهم فقال : من رجالكم ، وقد ولد له صلىاللهعليهوآلهوسلم أولاد ذكور إبراهيم والقاسم والطيب والمطهر فكان أباهم ، وقد صحّ أنه قال للحسن : ان ابني هذا سيّد ، وقال أيضا للحسن والحسين : ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) أي ولكن كان رسول الله ، لا يترك ما أباحه الله تعالى بقول الجهال (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) أي وآخر النبيين ختمت النبوة به ، فشريعته باقية إلى يوم الدين. وهذا فضيلة له صلوات الله عليه وآله اختصّ بها من بين سائر المرسلين (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) لا يخفى عليه شيء من مصالح العباد.
٤١ ـ ٤٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) روى ابن عباس عن النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من عجز عن الليل أن يكابده ، وجبن عن العدو أن يجاهده ، وبخل بالمال ان ينفقه ، فليكثر ذكر الله عزوجل. ثم اختلف في معنى الذكر الكثير فقيل : هو أن لا ينساه أبدا ، وقيل : هو أن يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، على كل حال (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) أي ونزّهوه سبحانه عن جميع ما لا يليق به بالغداة والعشي ، وقيل يعني صلاة الصبح وصلاة العصر (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) الصلاة من الله هي المغفرة والرحمة ، وأما صلاة الملائكة فهي طلبهم انزال الرحمة من الله تعالى (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) اي من الجهل بالله سبحانه إلى معرفته ؛ فشبّه الجهل بالظلمات ، وشبّه المعرفة بالنور ، لأن هذا يقود إلى الجنة ، وذلك يقود إلى النار (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) خصّ المؤمنين بالرحمة دون غيرهم لأنه سبحانه جعل الايمان بمنزلة العلة في إيجاب الرحمة ، والنعمة العظيمة التي هو الثواب (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) أي يحيّي بعضهم بعضا يوم يلقون ثواب الله بأن يقولوا : السلامة لكم من جميع الآفات ، ولقاء الله سبحانه معناه : لقاء ثوابه كما سبق القول فيه (وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) أي ثوابا جزيلا. ثم خاطب نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً) على أمتك فيما يفعلونه من طاعة أو معصية ، وإيمان أو كفر ، لتشهد لهم وعليهم يوم القيامة ، ونجازيهم بحسبه (وَمُبَشِّراً) أي ومبشّرا لمن أطاعني وأطاعك بالجنة (وَنَذِيراً) لمن عصاني وعصاك بالنار (وَداعِياً إِلَى اللهِ) أي وبعثناك داعيا إلى الله ، والإقرار بوحدانيته ، وامتثال أوامره ونواهيه (بِإِذْنِهِ) أي بعلمه وأمره (وَسِراجاً مُنِيراً) يهتدى بك في الدين كما يهتدى بالسراج ، والمنير : الذي يصدر النور من جهته (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) زيادة على ما يستحقونه من الثواب (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) هو مفسّر في أول السورة (وَدَعْ أَذاهُمْ)