أي واعرض عن أذاهم فإني سأكفيك أمرهم إذا توكلت عليّ ، وعملت بطاعتي ، فإن جميعهم في سلطاني (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي وأسند أمرك إلى الله ينصرك عليهم (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) أي كافيا ومتكفلا بما يسند إليه.
٤٩ ـ ٥٠ ـ ثم عاد سبحانه إلى ذكر النساء فقال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) أي من قبل أن تدخلوا بهن (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) أي تستوفونها بالعدد ، وتحصون عليها بالإقراء وبالأشهر ؛ اسقط الله سبحانه العدة عن المطلقة قبل المسيس لبراءة رحمها ، فإن شاءت تزوجت من يومها (فَمَتِّعُوهُنَ) قال ابن عباس : هذا إذا لم يكن سمّى لها صداقا ، فإذا فرض لها صداقا فلها نصفه ولا تستحق المتعة ، فالآية محمولة عندنا على التي لم يسم لها مهرا فيجب لها المتعة (وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) أي طلّقوهن طلاقا للسنة من غير ظلم عليهن ، بغير جفوة ولا أذية. ثم خاطب النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ) أي أعطيت مهورهن (وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) أي وأحللنا لك ما ملكت يمينك من الإماء (مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ) من الغنائم والأنفال فكانت من الغنائم مارية القبطية أم ابنه إبراهيم ، ومن الأنفال صفية وجويرية اعتقهما وتزوجهما (وَبَناتِ عَمِّكَ) أي وأحللنا لك بنات عمك (وَبَناتِ عَمَّاتِكَ) يعني نساء قريش (وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ) يعني نساء بني زهرة (اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ) إلى المدينة وهذا إنما كان قبل تحليل غير المهاجرات ثم نسخ شرط الهجرة في التحليل (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِ) أي وأحللنا لك امرأة مصدقة بتوحيد الله تعالى وهبت نفسها منك بغير صداق وغير المؤمنة ان وهبت نفسها منك لا تحل لك (إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها) أي آثر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نكاحها ورغب فيها (خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) أي خالصة لك دون غيرك. قال ابن عباس : يقول : لا يحل هذا لغيرك وهو لك حلال ، وهذا من خصائصه في النكاح ، فكان ينعقد النكاح له بلفظ الهبة ولا ينعقد ذلك لأحد غيره واختلف في انه هل كانت عند النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم امرأة وهبت نفسها له أم لا فقيل انه لم يكن عنده امرأة وهبت نفسها له عن ابن عباس ومجاهد وقيل : بل كانت عنده ميمونة بنت الحرث بلا مهر قد وهبت نفسها للنبي في رواية أخرى عن ابن عباس وقتادة وقيل : هي زينب بنت خزيمة أم المساكين امرأة من الأنصار عن الشعبي وقيل : هي زينب بنت خزيمة أم المساكين امرأة من الأنصار عن الشعبي وقيل : هي امرأة من بني أسد يقال لها أم شريك بنت جابر وقيل هي خولة بنت حكيم عن عروة بن الزبير وقيل انها لما وهبت نفسها للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قالت عائشة ما بال النساء يبذلن أنفسهن بلا مهر فنزلت الآية فقالت عائشة ما بال النساء يبذلن أنفسهن بلا مهر فنزلت الآية فقالت عائشة ما أرى الله تعالى إلا يسارع في هواك فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وانك إن أطعت الله سارع في هواك (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ) معناه : قد علمنا ما أخذنا على المؤمنين في أزواجهم من المهر والحصر بعدد محصور ، ووضعناه عنك تخفيفا عنك (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) أي وما أخذنا عليهم في ملك اليمين أن لا يقع لهم الملك إلّا بوجوه معلومة من الشراء والهبة والإرث والسبي ، وأبحنا لك غير ذلك وهو الصفي الذي تصطفيه لنفسك من السبي ، وإنما خصّصناك على علم منّا بالمصلحة فيه من غير محاباة ولا جزاف (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) أي ليرتفع عنك الحرج ، وهو الضيق والإثم (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لذنوب عباده (رَحِيماً) بهم ، أو رحيما بك في رفع الحرج عنك.
٥١ ـ ٥٥ ـ ثم خاطب سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآله