أو قراءة القرآن (هُدىً) إيمانا وعلما وبصيرة وتصديقا لنبيّهم صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) معناه : وآتاهم ثواب تقواهم (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ) أي فليس ينتظرون إلّا القيامة (أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) أي فجأة (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) أي علاماتها (فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) أي فمن أين لهم الذكر والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة؟ ثم قال لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم والمراد به جميع المكلفين (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) المعنى أقم على هذا العلم واثبت عليه ، واعلم في مستقبل عمرك ما تعلمه الآن ، ويدل عليه ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : من مات وهو يعلم أنه لا إله إلّا الله دخل الجنة (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) الخطاب له والمراد به الأمة ، وإنّما خوطب بذلك لتستنّ أمّته بسنّته (وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) أكرمهم الله سبحانه بهذا إذ أمر نبيهم ان يستغفر لذنوبهم وهو الشفيع المجاب فيهم. ثم أخبر سبحانه عن علمه وأحوال الخلق ومآلهم. فقال (وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ) أي متصرفكم في أعمالكم في الدنيا ، ومصيركم في الآخرة إلى الجنة أو الى النار عن ابن عباس وقيل : يعلم متقلبكم في أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات ومثواكم : أي مقامكم في الأرض ، والمعنى : انه عالم بجميع أحوالكم فلا يخفى عليه شيء منها. ثم قال سبحانه حكاية عن المؤمنين (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ) أي هلّا نزلت لأنّهم كانوا يأنسون بنزول القرآن ، ويستوحشون لإبطائه ليعلموا أوامر الله تعالى فيهم ، وتعبّده لهم (فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ) ليس فيها متشابه. قال قتادة كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة ، وهي أشد القرآن على المنافقين (وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ) أي وأوجب عليهم فيها القتال ، وأمروا به (رَأَيْتَ) يا محمد (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي شكّ ونفاق (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) يريد انهم يشخصون نحوك بأبصارهم ، وينظرون إليك نظرا شديدا كما ينظر الشاخص ببصره عند الموت لثقل ذلك عليهم ، وعظمه في نفوسهم (فَأَوْلى لَهُمْ) هذا تهديد ووعيد معناه : العقاب لهم والوعيد لهم ، وقيل معناه : أولى لهم طاعة الله ورسوله ، وقول معروف بالإجابة ، أي لو أطاعوا فأجابوا كانت الطاعة والإجابة أولى لهم ، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء ، واختيار الكسائي.
٢١ ـ ٢٥ ـ (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) معناه : طاعة وقول معروف أمثل وأليق من أحوال هؤلاء المنافقين ، وقيل معناه : طاعة وقول معروف خير لهم من جزعهم عند نزول فرض الجهاد (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) معناه : فإذا جدّ الأمر ، ولزم فرض القتال ، وصار الأمر معزوما عليه ، والعزم : العقد على الأمر بالإرادة لأن يفعله ، فإذا عقد العازم العزم على أن يفعله قيل : عزم الأمر على طريق البلاغة (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) وتقديره : فإذا عزم الأمر نكلوا أو كذبوا فيما وعدوا من أنفسهم ، فلو صدقوا الله فيما أمرهم به من الجهاد ، وامتثلوا أمره لكان خيرا لهم في دينهم ودنياهم من نفاقهم (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) يا معشر المنافقين (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) معناه : ان توليتم الأحكام ووليتم ، أي جعلتم ولاة ان تفسدوا في الأرض بأخذ الرشاء ، وسفك الدم الحرام ، وقيل : (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) معناه : إن أعرضتم عن كتاب الله والعمل بما فيه أن تعودوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية فتفسدوا بقتل بعضكم بعضا. ثم ذمّ الله سبحانه من يريد ذلك فقال (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ) أي أبعدهم من رحمته (فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) ومعناه : انهم لا يعون الخير ، ولا يبصرون ما به يعتبرون ، فكأنهم صمّ عمي (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ