كانت المعاني الكلّية الواقعية متناهية.
هذا ولنا الجواب (١) بأنّ الألفاظ أيضا غير متناهية ، فإنّ توهّم تناهي الألفاظ المركّبة نشأ من توهّم كون التركيب خارجيّا وليس كذلك ، بل التركيب فرضي ، فكلّ ما فرض كلمة إذا غيّرنا حرفا أو حركة منه أو زدنا عليه حرفا تتحصّل كلمة أخرى غيرها.
ومجرّد كون الحروف ـ التي تتركّب منها الكلمات ـ متناهية لا يوجب تناهي ما يتركّب منها ، كما أنّ تناهي أصول الأعداد لا يوجب تناهي الأعداد.
واستدلّ القائل بالامتناع بأنّ الغرض من الوضع التفهيم
__________________
(١) هذا في مقام الفرض والتصوّر صحيح ، والعدد والكلمات فيه سيّان ، ولكنّه في الخارج والواقع ليس كذلك ، فإنّ ما نقصد عدّه من المعدود محدود ، وكذا في الكلمات ، فإنّ أقلّ ما عليه الكلمة من الحرف اثنان ، وأكثره سبعة ـ وليس لذلك وجه عدا عدم الاحتياج إلى أكثر من سبعة أحرف ـ فإذا كانت الكلمة محدودة من حيث الحروف فحركاته أيضا محدودة ، فالكلمات المستعملة ليست غير محدودة.
نعم الألفاظ المهملة وغير المستعملة غير محدودة وذلك لا يضرّ.
فتحصّل أنّ الأعداد والكلمات وإن كانت غير محدودة ثبوتا وفرضا ولكن الممكن الاستعمال منها محدودة ، هذا أوّلا.
وثانيا : لو سلّم عدم تناهي الألفاظ الممكنة الاستعمال لما احتيج إلى وضع كلّها ، فإنّ بني آدم من أوّل الخلقة إلى الآن يضعون الألفاظ بقدر احتياجهم لا أكثر وإن كان وضعه واستعماله ممكنا.
ويشهد على ذلك ـ أي الوضع على حسب الاحتياج لا أكثر ـ أنّ المهملات في كلّ كلمة أكثر من مستعملها ، نحو : بقر ، وهو مستعمل ، وأمّا بقيّة المحتملات نحو : بقر وبقر وبقر وهكذا ، فهي مهملة ، وهذا يكشف عن أنّ الوضع إنّما هو بحسب الاحتياج. (م).