الاستعمال ، واجتماع اللحاظين على ملحوظ واحد في آن مستحيل ، ضرورة امتناع كون الشيء في آن واحد متصوّرا بتصوّرين وملتفتا إليه بالتفاتين ، وملحوظا بلحاظين ، سواء كانا آليّين أو مستقلّين أو مختلفين.
هذا ، وقد مرّ عدم تمامية هذا المبنى ، وأنّ الاستعمال ليس إلّا مجرّد جعل اللفظ علامة للمعنى ، وإذا كان علامة ، فمن الممكن جعل شيء علامة لشيئين.
وما أفاده من أنّ اللفظ غير ملحوظ استقلالا وإن كان صحيحا في الجملة إلّا أنّ الاستعمال لا يستلزم ذلك ، بل كثيرا ما يلتفت المتكلّمون والمستعملون إلى مزايا كلامهم وخصوصيات ألفاظهم من الإعراب والقافية وغير ذلك ، بل الشعراء والخطباء لا يمكنهم في مقام إنشاء الشعر وإلقاء الخطبة إلّا التوجّه التامّ إلى الألفاظ ، ولولاه لا يصدر منهم شعر ولا خطبة ، فإذا لم يكن الاستعمال دائما ملازما للحاظ اللفظ فانيا في المعنى وآلة له ، نستكشف أنّ حقيقته ليست كما أفاده ، بل مجرّد جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى.
وإمكان علاميّة شيء لشيئين في التكوينيّات والجعليّات من الواضحات ، ولكن لا يخفى أنّ مجرّد الإمكان لا يوجب حمل المشترك على أكثر من معنى واحد ، بل يحتاج إلى قرينة عليه.
ثم إنّ صاحب الكفاية أورد سؤالا على نفسه بأنّ الأخبار الدالّة على أنّ للقرآن بطونا سبعة أو سبعين تدلّ على وقوع استعمال