فالتحقيق أنّ الطلب أمر مباين للإرادة ، وما يفهم من الإرادة هو تلك الصفة النفسانيّة التي هي عبارة عن مطلق الشوق أو الشوق المؤكّد ، وإذا تصدّى المشتاق لما يشتاق إليه فيقال : طلبه ، فمفهوم الطلب هو التصدّي لتحصيل ما تشتاق النّفس إليه ، ومن المعلوم أنّه غير مفهوم الإرادة ، وأنّه مرتبة متأخّرة عنها ، كما عرفت من موارد استعمالاتهما ، وهكذا ما يصدق عليه الإرادة غير ما يصدق عليه الطلب.
وبذلك ظهر فساد ما في الكفاية من أنّهما متّحدان مفهوما وخارجا وإنشاء (١).
وذلك لما عرفت من أنّ الإرادة عبارة عن مطلق الشوق أو الشوق المؤكّد الّذي هو من مقولة الكيف النفسانيّ ، ونسبتها إلى النّفس نسبة العرض إلى معروضه ، والطلب عبارة عن التصدّي لتحصيل ما تشتاق إليه النّفس ، ونسبته إلى النّفس نسبة الفعل إلى فاعله ، فهو من مقولة الفعل ، فكيف تصدق المقولتان على أمر واحد!؟
ثمّ إنّ الطلب في الإنشاءات أيضا يكون بهذا المعنى ، إذ للتصدّي مراتب ، ومنها إيجاد الصيغة ، فإنّ الآمر يتصدّى لتحصيل الضرب في الخارج ، فبإيجاد الصيغة يتحقّق مصداق التصدّي ، كما يتحقّق بتحريك العضلات.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٨٥.