ذلك من الصفات المشهورة أم لا؟
والحقّ هو الثاني ، والوجدان أصدق شاهد على ذلك حيث إنّا لا نجد في أنفسنا ـ سوى مقدّمات الإرادة ونفسها وسائر الصفات المعروفة ـ شيئا آخر وصفة أخرى قائمة بالنفس قيام العرض بمعروضه حتى تكون كلاما نفسيّا مدلولا للكلام اللفظي ، وهذا واضح غاية الوضوح.
بقي الكلام في إثبات متكلّميّته تعالى بعد ما ثبت بطلان القول بالكلام النفسيّ ، وذلك يتّضح ببيان الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل.
فنقول : الميزان في تميّز صفات الذات عن صفات الفعل أنّ الصفة إن أمكن حملها وحمل نقيضها عليه تعالى فهي من صفات الفعل ، كما في الخالق والرازق وأمثال ذلك حيث يصحّ أن يقال : هو تعالى خلق الإنسان ولم يخلق العنقاء أو لم يخلق ذا رءوس أربع ، ورزق زيدا ولدا ولم يرزق عمرا ولدا ، ومن ذلك : المتكلّم ، إذ يصحّ أنّه تعالى تكلّم مع موسى بن عمران عليهالسلام ولم يتكلّم مع أبيه عمران.
وإن لم يمكن ذلك (١) فهي من صفات الذات كما في القادر والعالم وغير ذلك ، حيث لا يصحّ حمل نقيضها بأن يقال : هو تعالى
__________________
(١) أقول : هذا في غير ما يمتنع وجوده ذاتا ، وإلّا فبالنسبة إلى ما يكون كذلك أيضا يصحّ حمل نقيض صفات الذات عليها بأن يقال : إنّه تعالى لا يقدر على إيجاد شريك له ولا يعلم بشريك له ونحو ذلك. (م).