المشرق إلى المغرب دون العكس مع عدم وجود المرجّح؟ ـ كلام متين في صورة الإشكال والاعتراض ، لكنّه ناظر إلى أنّه لا يجوز للحكيم تفويت المصلحة مع عدم وجود المرجّح ، وهذا ممّا لا يشوبه شكّ ولا ريب.
بقي الكلام في معنى حديث «السعيد سعيد في بطن أمّه ، والشقيّ شقيّ في بطن أمّه» (١).
فنقول : إنّ السعادة والشقاوة ليستا من الأمور الذاتيّة لا من الذاتي في باب (إيساغوجي) ضرورة أنّهما ليستا بجنسين أو فصلين للإنسان ولا من الذاتي (٢) في باب البرهان من قبيل الزوجيّة للأربعة ،
__________________
ـ بلا مرجّح يكون الترجّح أيضا لا محالة بلا مرجّح ، ضرورة أن الترجّح لا يكون بلا علّة ولا سبب ، بل علّته وسببه هو الفاعل والمرجّح ، وهذا مراد من يقول باستحالته ، بخلاف الترجيح ، فإنّه وإن كانت له علّة وسبب أيضا هو الفاعل والمرجّح إلّا أنّ الفاعل رجّح المرجوح أو أحد المتساويين عبثا ومن دون غرض عقلائي ، وقبحه من هذه الجهة ، وإنكاره إنكار للبداهة ، وهذا مراد من يقول بقبحه ، وإلّا فالترجيح بلا مرجّح ـ بمعنى أنّه بلا علّة وسبب وفاعل ـ فممّا لا يشكّ في استحالته ذو مسكة ، كما في الترجّح بلا مرجّح.
والحاصل : أنّ الانكسار كالكسر مثلا لا يمكن أن يكون بلا علّة ، ولكن ترجيح كسر أحد الكوزين ـ اللازم كسر أحدهما ـ على الآخر لا بدّ له من مرجّح فيه أو كونهما متساويين في هذه الجهة حتى يكون حسنا ، وإلّا فهو قبيح. (م).
(١) التوحيد ـ للصدوق ـ : ٣٥٦ ـ ٣ بتفاوت يسير.
(١) أقول : والشاهد على ذلك ما ورد في دعاء ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك بعد جمل منه : «وإن كنت من الأشقياء فامحني من الأشقياء ، واكتبني من السعداء» إلى آخره ، [الإقبال : ٢٠٩] وغير ذلك ممّا يكون بهذا المضمون الّذي وصل بحدّ التضافر بل التواتر ولا يمكن إنكاره. (م).