الأحكام العقليّة مثل : «كلّ معلول يحتاج إلى العلّة» «كلّ زوج منقسم بمتساويين» «كلّ ممكن زوج تركيبي مركّب من ماهيّة ووجود» وغير ذلك كلّها خارجة عن هذا الحكم.
وكثير من الأحكام العرفية مثل : «كلّ جوز مدوّر» «كلّ ذهب غير الفضّة» «لا شيء من الحجر بشجر» وأمثال ذلك أيضا كذلك.
فلا محيص عن هذا الإشكال إلّا بما ذكرنا سابقا من أنّ الوجوب والندب أمران خارجان عن مدلول الصيغة ، بل مقتضى العبودية والمولوية بحكم العقل : الإطاعة والامتثال ما لم ينصب المولى قرينة على الترخيص ، وأنّ المصلحة الموجبة للأمر غير لزومية ، والصيغة متى ما استعملت لها معنى واحد ، وهو إظهار الشوق وإبراز الميل ، والوجوب (١) والندب ناشئان من إلزامية المصلحة وعدمها التي هي داعية للأمر والبعث ، فالصيغة عند استعمالها بلا قرينة على الندب ظاهرة في الوجوب بمعنى أنّ الوجوب أمر حكم به العقل ، لا أنّه مدلوله بنحو الحقيقة أو المجاز أو غير ذلك.
فاندفع الإشكال بناء على صحّة هذه الدعوى ، وهي أنّ الوجوب والندب أمران خارجان عن مدلول اللفظ ، بل هما من
__________________
(١) أقول : يمكن أن يقال : إنّ الوجوب لا يدور مدار إلزامية المصلحة ، بل العقل يحكم بقبح مخالفة المولى ولزوم امتثاله عند إظهار شوقه بشيء ما لم يرخّص في الترك وإن علم ـ على فرض المحال ـ أنّ حكمه بلا مصلحة ، كما يقول به الأشاعرة غير الشاعرة. (م).