المداليل السياقية ، إذ من الواضح الضروري أنّه متى تحقّق موضوع حكم العقل يترتّب عليه حكمه وإن لم يتحقّق في مدّة العمر إلّا مرّة واحدة ، فإذا حكم العقل بوجوب امتثال أوامر المولى ما لم يرخّص في الترك ، فإذا فرضنا أنّ جميع أوامر المولى ورد فيها الترخيص إلّا واحدا أو اثنين منها ، فيصدق في هذا المورد أو هذين الموردين أنّ المولى أمر عبده ولم يرخّص في الترك ، فيتحقّق موضوع حكم العقل ويترتّب عليه حكمه بوجوب الامتثال ، إذ هو بحكم العقل لا بدلالة الصيغة أو ظهورها حتى يقال : كثرة الاستعمال في الندب توجب الترجيح أو التوقّف ، وهذا واضح جدّاً.
وأمّا صحّة هذه الدعوى فيدلّ عليها ما أشرنا إليه سابقا ، ونعيده توضيحا من أنّ مفاد الأمر ليس إلّا إظهار الشوق المؤكّد من غير فرق بين الأمر الاستحبابي أو الوجوبيّ ، فإنّه ـ أي الشوق المؤكّد ـ هو الّذي يتعقّبه التصدّي نحو المراد بتحريك العضلات أو إنشاء الصيغة وأمر عبده بالفعل ، لا مطلق الشوق.
نعم ، الشوق (١) فيما له مصلحة لزومية آكد وأشدّ من غيره ،
__________________
(١) أقول : في إطلاقه تأمّل ، حيث لا يمكن الالتزام بأنّ الشوق في مثل ردّ السلام آكد وأشدّ منه في زيارة مولانا الحسين عليهالسلام يوم عرفة أو مطلقا ، فإنّ أشدّية الشوق وآكديّته تستكشف من مقدار الأهميّة التي تكون في المشتاق إليه عند المولى ، وهو يستكشف من كثرة الوعد وجزيل الثواب لفاعله ، كما يستكشف أيضا من زيادة الوعيد وشديد العقاب على تاركه ، وتتّضح أهمّيّة زيارة الحسين عليهالسلام يوم عرفة ، أو مطلقا ، وكون اشتياق المولى إليها أشدّ وآكد ـ