والوجه في الاستحالة : أنّ الداعي أيّا ما كان فهو في مرتبة سابقة على الاختيار السابق على العمل ، فلا يعقل كونه في عرض العمل الّذي هو معلول للاختيار ومتأخّر عنه ، والاختيار ليس إلّا الإرادة التكوينية ، فلا يمكن تعلّق الإرادة التكوينيّة بالداعي في عرض العمل ، وما لا يمكن تعلّق الإرادة التكوينيّة به لا يمكن تعلّق الإرادة التشريعيّة به ، لاتّحاد متعلّقهما.
هذا خلاصة ما أفاده شيخنا الأستاذ في المقام.
والإنصاف أنّه لا استحالة في البين ، وما ذكره ـ قدسسره ـ إنّما يتمّ على تقدير كون الإرادة المتعلّقة بالفعل عين الإرادة المتعلّقة بجعل الداعي أحد هذه الأمور المذكورة ، وليس كذلك ، إذ جعل الداعي شيئا معيّنا فعل اختياري للنفس ، وكلّ فعل اختياري يحتاج إلى إرادة مستقلّة ، فإتيان ذات الصلاة يحتاج إلى إرادة ، وجعل داعي إتيانها رضى المولى مثلا يحتاج إلى إرادة أخرى غيرها ، فلا يكون الداعي في عرض العمل حتّى يلزم المحال ، بل يكون في طوله.
وأمّا وجه ما أفاده صاحب الكفاية (١) قدسسره ـ من أنّا نقطع بعدم أخذ سائر الدواعي في المأمور به وإن لم يكن مستحيلا ـ فهو أنّه لو أخذ أحد الدواعي الأخر غير قصد الامتثال متعيّنا ، فلازمه عدم صحّة الصلاة لو أتى بها بقصد الامتثال ، إذ المأمور به على الفرض لا يكون هي الصلاة بداعي الأمر وقصد الامتثال ، بل هي الصلاة
__________________
(١) كفاية الأصول : ٩٦.