يرفع العقاب في التعبّديّات هو إتيان العمل لله لا عن داع نفساني ، فهو أيضا بنفسه لا يكون داعيا قربيّا.
وأمّا الإتيان بداعي المصلحة فإن رجع إلى امتثال الأمر وإتيان العمل بقصد الأمر ، فيرتبط العمل بالمولى ، ويصير حسنا بذلك.
وأمّا إن كان العمل لمجرّد فائدة تكون فيها بدون أن يقصد الأمر ، فلا يكون قربيّا بالضرورة ، إذ لا مساس لمثله بالمولى أصلا ، بل هو نظير العمل بما أمر به الطبيب لمجرّد كونه ذا فائدة.
نعم داعي الرضي هو من أعظم الدواعي القربية حيث إنّ أعلى مراتب العبودية أن يعمل العبد بما يشتاق إليه المولى ، ويفعل ما يرضاه طالبا لرضاه ، سواء أمر به أم لم يأمر ، فلا يتوقّف هذا الداعي في كونه قربيّا إلى الأمر فكيف إلى قصده!؟ إلّا أنّ الأمر يكون كاشفا عن الرضي ، ولا طريق لنا إلى العلم بالرضى ، وأنّ الفعل مرضيّ له تعالى.
هذا كلّه بحسب الواقع ، ولا يهمّنا البحث في صغرياتها وأنّه هل هذا الداعي من الدواعي القربيّة أم لا؟ بل نتكلّم كلّيّا ونقول : إنّ الداعي أيّا ما فرض إمّا أن يستحيل أخذه في متعلّق التكليف ، كما أفاده شيخنا الأستاذ (١) ، أو نقطع بعدمه ، كما أفاده صاحب الكفاية (٢) قدسسره.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٠٥.
(٢) كفاية الأصول : ٩٥.