فالعقل لا يحكم إلّا بوجوب إتيان الجامع بينهما المعلوم وجوبه ووصوله إلى المكلّف ، وهو الطبيعة المهملة اللابشرط المقسمي ، ولا إلزام من ناحية العقل بالنسبة إلى المشكوك.
وبعبارة أخرى : إنّا نعلم تفصيلا [أنّ] عدم إتيان التكبيرة والقراءة والركوع والسجود مبغوض للشارع ونستحقّ المؤاخذة عليه ، وأمّا بالقياس إلى السورة فنشكّ في أنّها هل هي مثل سائر الأجزاء تجب علينا ونعاقب على تركها ، أو أنّا لسنا في ضيق من جهتها ، ويجوز لنا تركها ، ولا نعاقب عليه؟ ومن المعلوم أنّ العقل لا يحكم إلّا بوجوب ما هو معلوم تفصيلا لنا من الأجزاء والشرائط الواصلة إلينا ، ويستقلّ بالبراءة فيما عداه.
ومن ذلك ظهر أنّ ما أفاده من عدم وجود الجامع بين اللابشرط وبشرط شيء إنّما يتم في اللابشرط المقسمي وبشرط شيء ، لا في القسمي منه وبشرط شيء ومن البيّن أنّ المطلق هو اللابشرط القسمي لا المقسمي.
والحاصل : أنّ العلم الإجمالي بالإطلاق أو التقييد لا يفيد شيئا بعد عدم كون الإطلاق موجبا لثبوت الكلفة الزائدة ، كما أنّ التقييد يوجب ذلك ، فيرجع الشكّ إلى الشكّ في ثبوت الكلفة الزائدة من جهة التقييد ، فيستقلّ العقل بقبح العقاب من ناحيته ، وأين هذا من انحلال العلم الإجمالي من قبل نفسه بلا جهة ولا موجب؟ فاتضح أنّ كلا الوجهين غير تامّ.