ثم إنّ التحقيق الّذي يقتضيه النّظر الدّقيق أن يقال : إنّه على تقدير عدم جريان البراءة العقلية بالنسبة إلى المشكوك دخله في الغرض لا تجري الشرعية منها أيضا ، لأنّ حديث الرفع وغيره من أدلة البراءة الشرعية حيث إنّه أصل لا أمارة ، والمثبت من الأصول ليس بحجّة لا يثبت به ترتّب الغرض على إتيان الأقلّ ، وما لم يثبت ذلك حكم العقل بالاشتغال بالباقي لو قلنا بوجوب تحصيل الغرض.
توضيحه : أنّ لنا ثلاثة شكوك :
الأوّل : أنّ السورة هل هي جزء للصلاة أم لا؟
الثاني : أنّه هل الأمر المتعلّق بالصلاة يسقط بمجرّد الإتيان بما عدا السورة من الأجزاء والشرائط أم لا؟
الثالث : أنّه هل الغرض المترتّب على هذا الواجب المركّب الارتباطي يحصل بإتيان ما هو المعلوم أم لا يحصل؟
وحديث الرفع لا يشمل إلّا الأوّل ، ويدلّ على أنّ المكلّف ليس في ضيق من ناحية جزئية السورة ، ومن لوازمه العقلية حصول الغرض ، وسقوط أمر سائر الأجزاء والشرائط ، وحيث إنّه لا يثبت لوازمه فلا يثبت به حصول الفرض وسقوط الأمر ، ومعه لا يفيد شيئا ، ويكون شموله للشكّ الأوّل لغوا لا يترتّب عليه فائدة أصلا ، فلا بدّ من الالتزام في أمثال المقام بعدم الشمول حتى بالنسبة إلى الشكّ الأوّل.