عامّة معيّنة للمراد ، فهو ، وإلّا كان الكلام مجملا ، لاحتفافه بما يصلح للقرينيّة ، ولا مجال لظهوره في الإباحة أو الكراهة أو غير ذلك من الوجوه المذكورة في المقام ، بل أمره دائر بين الوجوب والاستحباب والكراهة والإباحة.
نعم ، يمكن في التوصّليات القول بالإباحة ، وفي التعبّديّات بالاستحباب بضميمة الوجدان إلى الأصل على ما هو الحقّ من جريان الأصول في المستحبّات والمكروهات أيضا.
وذلك لأنّ الإباحة والكراهة في التعبّديّات مقطوعتا العدم ، ضرورة أنّه ليس في الشريعة فعل مباح يعتبر فيه قصد القربة أو مكروه كذلك حتى يكون عبادة مباحة أو عبادة مكروهة بالمعنى المصطلح ، فلا يبقى من الاحتمالات إلّا احتمال الوجوب والاستحباب ، وحيث إنّ أصل المطلوبية فيها مقطوع لنا ، ونشكّ في تعلّق الإلزام بها ، فيرفع الإلزام بالأصل ، ويبقى مطلق المحبوبية بلا إلزام ، وهو الاستحباب.
هذا في التعبّديّات ، وأمّا في التوصّليّات فاحتمال الإباحة مقطوع بين الاحتمالات الأربع ، ورضى المولى بالفعل والترك معا معلوم ، إذ المفروض أنّ الحرمة منتفية بالوجدان ، وأصل تعلّق الطلب به فعلا أو تركا مشكوك مرفوع بالأصل ، فيبقى الرضي بالفعل والترك ، وهو الإباحة ، فلو كان مراد من قال بالإباحة ما ذكرنا ، فنعم الوفاق ، وإن كان غير ذلك ، فلا وجه له.