وجعل نفسه مضطرّا بالاختيار بأن يهريق الماء مثلا عمدا ويتيمّم ، فيكون حال المختار والمضطرّ حال الحاضر والمسافر في تساوي الملاكين وجواز التفويت.
ودعوى أنّه بمكان من الإمكان في خصوص ما كان الاضطرار طبعيّا دون ما كان اختياريّا ، مثلا : القعود بدلا عن القيام للتعظيم يعدّ تعظيما ووافيا بتمام الملاك في حقّ المريض المستلقي على ظهره بما أنّ اضطراره طبعيّ لا في حقّ من شدّ رجليه بنحو لا يقدر على القيام ، فإنّه ـ أي الاضطرار ـ في حقّه اختياريّ ، فاسدة ، فإنّ لازمها (١) سقوط التكليف رأسا عند التفويت عصيانا ، إذ لا ملاك حينئذ للاضطراري على الفرض ، فالأمر الاختياري سقط بالعصيان ، والاضطراري سقط أيضا ، لعدم كون الاضطرار طبعيّا ، فمع إراقة الماء عمدا لا يجب الوضوء ولا التيمّم ، وهذا ممّا لا يلتزم به أحد.
وكذا لا يمكن الالتزام بتعدّد الملاك وأنّ كلّا فيه ملاك مباين لما في الآخر ، إذ ظاهر الأدلّة أنّ الفعل الاضطراري يكون بدلا من الاختياري ، وتعدّد الملاك ينافي البدليّة ، ويقتضي أن يكون كلّ منهما واجبا مستقلّا.
__________________
(١) للخصم أن يفصّل بين موارد الاضطرار الطبعي ، فيقول بالوفاء بتمام الملاك وبين غيرها ، فيلتزم بالملاك الناقص ، لا عدم الملاك رأسا حتى يلزم هذا اللازم ، فإنّه التزام بلا ملزم ، ضرورة أنّ من شدّ رجليه لو نام مستلقيا ولم يقعد تعظيما عقابه أشدّ وآكد ممّن قعد. (م).