فيمكن كلا القسمين ، لإمكان تصوّر العامّ بوجه من تصوّر الخاصّ.
والجواب : أنّ ما يحمل على الكلّي على قسمين ، فإنّه إمّا يحمل عليه بما هو كلّي ، كقولنا : الإنسان كلّي ، أو نوع ، فإنّ الموضوع في هذه القضيّة هو الطبيعي بما هو طبيعي لا بما هو موجود فلا يصحّ أن يقال : «زيد إنسان ، والإنسان نوع ، فزيد نوع» وإمّا أن يحمل عليه بما هو موجود في الخارج بحيث لم يلحظ في مقام الحكم إلّا وجود الطبيعي في الخارج ملغى عنه جميع الخصوصيّات ، كقولنا : «النار حارّة محرقة» ، فإنّ الحكم بالإحراق ليس حكما لطبيعيّ النار بما هو طبيعيّ ، وإلّا يلزم الاحتراق بمجرّد تصوّر النار ، بل هو حكم الطبيعي بلحاظ وجوده في الخارج ، وملغى عنه جميع خصوصيّات الفرديّة من كون النار من الخشب أو الحديد وفي وقت كذا ومكان كذا وأمثال ذلك ، ومن هذا القسم جميع القضايا الحقيقيّة ، ولذا قلنا في بحث التعارض : لو قال أحد : «كلّ مؤمن فاسق» فقد ارتكب المحرّم : الغيبة أو التهمة بعدد أفراد المؤمنين ، ويستحقّ العقاب على حسب عددهم ، فإذا كان الحكم على الطبيعي لا يخلو من أحد هذين القسمين ، فجعل طبيعي المعنى موضوعا لوضع اللفظ بإزائه أيضا كذلك ، فتارة يتصوّر الطبيعي بما هو طبيعي ، ويوضع له اللفظ ، فهو الوضع العامّ والموضوع له العامّ ، وأخرى يتصوّر الطبيعي بلحاظ وجوده في الخارج ملغى عنه جميع خصوصيّات الأفراد ، فيوضع اللفظ بإزائه ،