والأسماء الموضوعة لمعانيها أصلا ، بل الموضوع له في كلتيهما واحد بمعنى أنّ ما وضع له لفظ «ابتداء» بعينه ما وضع له لفظة «من» بلا تفاوت بينهما أصلا.
ويرد عليه ما أورده هو ـ أي صاحب الكفاية قدسسره ـ على نفسه من أنّ لازم ذلك صحّة استعمال الحروف مكان الأسماء الموضوعة لمعانيها وبالعكس ، يعني مقتضاه صحّة قولنا : «من سيري البصرة وإلى الكوفة» وهكذا صحّة قولنا : «سرت ابتداء الكوفة انتهاء البصرة» مع أنّه من أفحش الأغلاط (١).
وأجاب هو ـ قدسسره ـ بأنّ الفرق إنّما هو اختصاص كلّ منهما بوضع ، حيث إنّه وضع الاسم ليراد منه معناه بما هو هو وفي نفسه ، والحرف ليراد منه معناه لا كذلك ، بل بما هو حالة لغيره (٢).
وعبارته هذه ذات وجوه ذهب كلّ إلى وجه ، فقال بعض : إنّ المراد أنّ الواضع اشترط أن يستعمل لفظ «الابتداء» عند إرادة معناه استقلالا ، وتستعمل لفظة «من» في عين هذا المعنى ، لكن عند إرادته حالة للغير.
وفيه : أنّه بما ذا ثبت هذا الاشتراط؟ وعلى تقدير ثبوته أيّ دليل على وجوب الوفاء بهذا الشرط؟ وعلى فرض وجوب الوفاء به ، لكون الواضع المشترط هو الله تعالى ، أو لكون الاشتراط في
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٦.
(٢) كفاية الأصول : ٢٧.