لم تكن في ضمن تركيب كلاميّ ، ومعاني الحروف من هذا القسم ، إذ لا يستفاد من لفظ «من» و «إلى» و «على» مثلا شيء ما لم تكن في ضمن تركيب كلاميّ ، والحروف وضعت لإيجاد الربط بين الكلمات.
مثلا : لا ترتبط كلمة «زيد» و «دار» إلّا بلفظة «في» و «لام» إذ كلّما ازداد اسما بينهما ازداد بعدا ، كما ترى أنّ قولنا : «زيد ، الظرفيّة ، التعريف ، دار» لا يرتبط بعضها ببعض ، وبين كلماته كمال المباينة بما يكون أكثر ممّا يكون في قولنا : «زيد ، دار».
وبالجملة لم توضع الحروف إلّا لإيجاد الربط بين مفهومين لا ربط بينهما ، فما وضع لها الحروف هي النسب الكلاميّة التي توجد بالحروف بأنفسها ، كنسبة الابتدائيّة والظرفيّة وغير ذلك ، وهذه النسب مصاديق لمفهوم النسبة ، الّذي هو معنى اسميّ ، كما أنّ النسب الخارجيّة أيضا مصاديق له ، ولكنها ليست بموضوع لها الحروف ، بل الموضوع لها الحروف هي النسب الكلامية التي قد تطابق النسب الخارجية ، فتكون القضيّة صادقة ، وقد لا تطابق ، فتكون القضيّة كاذبة.
وما أفاده من أنّ شأن الحروف إيجاد الربط بين ما لا ربط له من المفاهيم ممّا لا يكون قابلا للإنكار ، إلّا أنّ الكلام في أنّها بما أنّها دالّة على معان ومفاهيم توجب الربط ، أو أنّها توجد