الربط (١) بلا استفادة معنى منها؟
وبعبارة أخرى : لا ريب في أنّا نستفيد من «زيد في الدار» شيئا زائدا على ما نستفيد من «زيد الدار» والكلام فعلا في تعيين هذا المعنى الزائد الّذي نستفيده بالوجدان ، وأنّه لما ذا يصحّ «زيد كالأسد» ويحصل الربط ب «كاف» دون «في» مع أنّ جميع الحروف شأنها إيجاد الربط؟
فالتحقيق أن يقال : إنّ المعاني الحرفيّة لا تدخل تحت جامع واحد ، لكنّها بأجمعها مباينة مع المعاني الاسميّة ، ويشترك الجميع في أنّها غير مستقلّة في ذواتها ، ومتدلّيات بغيرها ، بخلاف المعاني الاسميّة ، فإنّها مفاهيم مستقلّة في نفسها غير متعلّقة بغيرها ، إذ كلّ حرف من الحروف يبيّن خصوصيّة معنى اسميّ إفراديّ أو تركيبيّ ، فهي بأجمعها مفيدة لتقيّدات معاني الأسماء وموضوعة لذلك.
غاية الأمر تختلف الحروف في ذلك ، فأغلبها يوجب خصوصيّة الضيق في المفاهيم الاسميّة ، ك «باء» و «إلى» و «في» و «على» وغيرها ، وبعضها يوجب خصوصيّة في المعاني الاسميّة التركيبيّة كحروف النافية ، فإنّها بأجمعها تفيد نفي مضمون الجملة ،
__________________
(١) ليس لهذا التشقيق مجال ، لأنّ نظر المحقّق النائيني قدسسره ليس هو الثاني ، بل غرضه أنّ الحرف بماله من المعنى يوجد الربط ، وبهذا الاعتبار يصحّ أن يقال : إنّ الحروف توجد الربط ، أي بما لها من المعاني ، فالرابط ليس هو المعنى وحده ولا اللفظ وحده ، بل اللفظ بماله من المعنى. (م).