المعاني عند المخاطبين غير ممكن غالبا ، والإنسان بطبعه محتاج إلى بيان مقاصده ، فأنعمه تعالى ، وعلّمه البيان لرفع احتياجه بإظهار ما يريد تفهيمه بالألفاظ ، فإذا كان الوضع لحكمة التفهيم والتفهّم ليس إلّا ، فلا بدّ من أن نرى أنّ أيّ شيء يفهم من الهيئة؟ هل يفهم منها تحقّق النسبة في الخارج أو عدم تحقّقها بحيث لو قال أحد : «زيد قائم» وقال آخر : «زيد ليس بقائم» نفهم تحقّق اجتماع النقيضين في الخارج؟ بالضرورة ليس كذلك ، فكيف يتصوّر وضع الهيئة لما لا يفهم منها بوجه!؟
نعم لا ننكر أنّها توجب الانتقال إلى تحقّق النسبة في الخارج انتقالا تصوّريّا ، لكنّه ليس بموضوع له قطعا ، فإنّه يحصل من مثل : «قيام زيد» أيضا ، والمطلوب حصول الانتقال التصديقي إلى ذلك بمعنى أنّه عند قول القائل : «زيد قائم» نصدّق ـ مع قطع النّظر عن كون القائل ثقة أو غير ثقة ـ بتحقّق القيام ل «زيد» في الخارج ، ومعلوم أنّا لا نظنّ بذلك فضلا عن الجزم والتصديق به.
والتحقيق أنّ الجملة الاسمية وضعت لإبراز إرادة الحكاية عن ثبوت المحمول للموضوع ، ولا نفهم منها إلّا أنّ المتكلّم بصدد الحكاية عن تحقّق النسبة في الخارج فيما يكون له نسبة خارجية ، وعن مجرّد ثبوت المحمول للموضوع فيما لا يكون كذلك ، نحو : «الوجود موجود» وهذا الفعل من المتكلّم مصداق للحكاية والإخبار بما أنّه صدر عنه بقصد الحكاية والإخبار ، فيصحّ أن يقال :