فلا بدّ من ترتّب هذا الغرض الواحد على الجامع بين موضوعات المسائل لا على نفسها ، مخدوش من وجوه (١) ، إذا أوّلا : لا يلزم أن يكون لكلّ علم غرض خارجي غير المعرفة بمسائله ، فإنّ من العلوم ـ كالفلسفة العالية ، والتاريخ ، وغيرهما ـ ما لا يكون الغرض منه إلّا نفس العلم والمعرفة بمسائله من دون تعلّق غرض آخر بالعلم بمسائله.
وثانيا : الكبرى المتسالم عليها في علم الفلسفة ـ على تقدير عدم المناقشة في أصلها ـ إنّما تتمّ في الواحد الشخصي لا النوعيّ ، وواضح أنّ الغرض من علم الأصول مثلا ـ وهو القدرة على الاستنباط ـ واحد نوعي ، ضرورة أنّ الفروع المتفرّعة على مسألة حجّيّة الخبر الواحد مغايرة لما يتفرّع على مسألة حجّيّة الاستصحاب ، والقدرة على استنباط هذه مغايرة للقدرة على استنباط تلك الفروع.
وثالثا : لو سلّم كون الغرض شخصيا مع ذلك لا يتمّ الاستدلال ، فإنّه يتمّ على تقدير ترتّب الغرض الشخصي على كلّ واحد من المسائل ، فيلزم أن يكون بين موضوعاتها جامع حتى
__________________
(١) هذه الوجوه واردة على من يريد كشف جامع مقولي بين موضوعات ، مسائل العلم ، ولكنّه لا دليل على لزوم جامع مقولي بينها ، بل يكفي جامع واحد عنواني أو اعتباري ، والجامع العنواني متحقّق بين مختلفة الحقائق ، كعنوان «العرض» الجامع بين الأعراض التسعة ، وهو متحقّق حتى بين الجوهر والعرض والوجود والعدم ، وهو في علم الأصول «كلّ ما يمكن أن يستدلّ به للوظيفة الفعلية» وفي الفقه «كلّ ما يصحّ تعلّق الاعتبار الشرعي به» (م).