الإيماء في مقابل الصراحة ، فتارة يصرّح الشخص بشيء ، وأخرى يشير إليه ب «هذا» مثلا ويقول في موضع قوله : «جئني بكتاب كذا» مشيرا إلى هذا الكتاب : «جئني» ولفظ «هذا» مثلا بحسب الجعل والمواضعة يستعمل في مقام الإشارة إلى المعنى باللفظ دون التصريح به ، وبه تتحقّق الإشارة ، فهو بمنزلة اليد التي هي آلة للإشارة ، وبما أنّ المعنى المشار إليه مبهم من جهة عدم التصريح به ، فدائما لا بدّ له من معيّن وقرينة لفظيّة أو خارجيّة تعيّنه ، مثل أن يقال : «جئني بهذا الرّجل ولذا يعدّون أهل العربيّة الرّجل في هذا المثال من عطف البيان ل «هذا» ومن هنا أيضا يقال لأسماء الإشارة ونحوها : «المبهمات».
فالصحيح ما هو ظاهر كلام ابن مالك في قوله :
بذا لمفرد مذكر أشر |
|
.............................. |
من أنّ أسماء الإشارة وضعت لنفس الإشارة إلى المعنى ، فهي آلة للإشارة اللفظيّة ، كما أنّ اليد مثلا آلة للإشارة الخارجيّة.
ولازم ما ذكرنا أن يكون «هذا» في قولنا : «هذا زيد» مبتدأ طريقيّا لا مبتدأ حقيقيّا ، فإنّ المبتدأ الحقيقي هو المشار إليه ب «هذا» لا نفس «هذا» كما أنّ المبتدأ في قولنا : «جئني» مشيرا إلى كتاب خاصّ هو المشار إليه لا آلة الإشارة.
وممّا ذكرنا اندفع القول بأنّ لازم وضع «هذا» لنفس الإشارة وكونه آلة لها صحّة قولنا : «الإشارة زيد» أو «آلة الإشارة زيد»