وقد ظهر ممّا ذكرنا ما فيه ، وأنّ الإشارة (١) بمعنى استعمال اللفظ لا يختصّ بأسماء الإشارة ، وبمعنى آخر فما هو ذلك المعنى؟ والكلام فيه.
وأفاد بعض مشايخنا المحقّقين وجها ثالثا أحسن وأدقّ من الوجهين السابقين ، وهو أنّها وضعت للمعاني التي وقعت موقع الإشارة الخارجيّة أو القلبيّة (٢).
وهذا الوجه متين لو كان استعمال أسماء الإشارة منحصرا في مورد الإشارة بآلة حسّيّة ، كاليد ونحوها ، أو بالقلب ، كما هو الغالب ، لكن نرى بالوجدان صحّة استعمالها بلا إشارة أصلا لا حسّا ولا قلبا ، كما لا يخفى.
فالتحقيق (٣) أنّها وضعت بإزاء الإشارة الخارجيّة.
توضيحه : أنّ الإشارة ـ على ما يظهر من اللغة ـ بمعنى
__________________
(١) ليس لهذا التشقيق وجه ، وهذا ممّا لا يحتمل أصلا ، وما توهّم أحد أنّ اللفظ إشارة إلى المعنى حتى يقال : هذا موجود في جميع الأسماء ولا يختص بأسماء الإشارة. (م).
(٢) نهاية الدراية ١ : ٦٤.
(٣) المتبادر من أسماء الإشارة ليس هو الكلّي إلّا أن يكون المشار إليه كلّيّا ، بل المتبادر واقع الكلّي ، وذلك هو الموضوع له دون المفهوم الكلّي ، فالموضوع له خاص ، وليس بين كون المعنى خاصّا وكونه جزئيّا حقيقيّا ملازمة ، فإنّ المراد من كونه خاصّا هو كونه أخصّ من المعنى المتصوّر ولو كان كلّيّا في نفسه ، وأمّا وضعها لمفهوم مفرد مذكّر كلّيّا فهو يستلزم أن يكون الوضع لغوا محضا ، لعدم استعمالها في هذا أصلا ، ويلزم أن يكون جميع الاستعمالات مجازا. (م).