وبالجملة لم نظفر إلى الآن على مورد نشكّ في المراد ، فالبحث علميّ محض ينبغي الاقتصار عليه ، فنقول : الحقيقة الشرعيّة تتصوّر على نحوين :
الأوّل : أن يوضع الألفاظ لهذه المعاني تعيينا.
والثاني : وضعها لها تعيّنا.
والوضع التعييني أيضا يمكن على وجهين :
أحدهما : أن يعيّن الشارع في زمان من الأزمنة هذه المعاني لهذه الألفاظ بأن يقول : «وضعت لفظ الصلاة لكذا ، والصوم لكذا» وهكذا.
والوضع التعييني بهذا المعنى مقطوع العدم ، إذ لو كان ، لبان ، وصار كالعيان ، لتوفّر الدواعي إلى نقله ، فعدم ورود رواية واحدة على ذلك دليل قطعيّ على العدم في أمثال هذه الموارد ، بل النقل بالآحاد أيضا في مثله يشهد بكذبه ، فإنّه نظير ما إذا أخبر واحد أو اثنان بأنّ ملك العراق مثلا جاء في ساعة كذا وصعد المنبر وألقى خطبة ، وواضح أنّ مثل هذه القضيّة لا يمكن عادة أن يخبر بها إلّا واحد أو اثنان ، فنفس نقل الواحد أو الاثنين فقط يشهد بكذبها.
ولا يقاس هذا بقضيّة غدير خمّ ، لكثرة دواعي الإخفاء فيها دون المقام ، مع أنّ الروايات فيها أيضا بحمد الله اشتهرت وتضافرت من الفريقين إلى حدّ لا يقبل الإنكار.