الصوم ، وبعضها من الأمور الانتزاعية ، كالغصب المنتزع من الكون في دار للغير تارة ومن لبس لباسه أخرى ومن النوم في فراشه ثالثة ، وبعضها من مقولة الوضع ، كالقيام في الصلاة ، وبعضها من مقولة أخرى ، كالنيّة والقراءة ، ومن المعلوم أن لا جامع بين الأمر الوجوديّ والعدمي ولا بين الأمر الحقيقي والانتزاعي ولا بين المقولات التسع العرضية ، وإلّا لم تكن المقولات بمقولات ، بل مقولة واحدة.
ومن جميع ما ذكرنا ظهر أنّ تمايز العلوم ليس بتمايز موضوعاتها ولا بتمايز محمولاتها ولا بتمايز أغراضها ، بل يختلف الأمر ، فربّما لا نظر لمدوّن علم إلّا إلى معرفة أحوال موضوع خاصّ ، كعلم التأريخ المدوّن لمعرفة أحوال طائفة خاصّة أو شخص خاصّ.
وربّما لا نظر له إلّا إلى محمول خاصّ ، وغرضه معرفة ما يحمل عليه هذا المحمول ، كما إذا دوّن علما لمعرفة كلّ ما يعرضه الحركة والسكون.
وربّما لا نظر له إلّا إلى الغرض المترتّب على ما دوّنه ، كغالب العلوم ، فلا يكون تمايز العلوم بأجمعها بالموضوعات ولا بالمحمولات ولا بالأغراض وإن كان الغالب أن يكون التمايز بالأغراض (١).
__________________
(١) والأولى أن يقال : تمايز العلوم أمر اعتباري تابع لغرض المدوّن ، فله أن يجعل العلم الواحد ـ كالفقه مثلا ـ علمين لغرضين ، كما أنّ القواعد الفقهية دوّنت مستقلّة وكذلك المعاملات (م).