وقد اختلف العلماء بعد ذلك في أكثر مدة الحمل ، أما أقله فستة أشهر ، وأخذ ذلك من قوله تعالى في سورة الأحقاف : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف : ١٥] مع قوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) [البقرة : ٢٣٣] فإذا خرج حولان بقي ستة أشهر.
قيل : وهذا وفاق ، ولهذا فوائد :
منها : أن الرجل إذا تزوج امرأة وجاءت بولد لدون ستة أشهر من التمكن من الوطء فإنه لا يلحق به ؛ لأنه يعلم أنه ليس منه.
وكذلك إذا ارتد الرجل وامرأته ، وجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم اللحوق فإنا نعلم أنه كان في البطن قبل اللحوق فيرثه ، وإن جاءت به لستة أشهر لم يعلم بذلك فلا يرثه وغير ذلك.
واختلفوا في أكثر مدة الحمل فالمذهب أن ذلك أربعة أعوام ؛ لأن المرجع بهذا إلى الاتفاق ، وقد روي أن هذا اتفق وهو مذهب الأئمة والشافعي ، ومالك.
وقالت الحنفية : سنتان ، وهو مروي عن عائشة ، والضحاك.
وروي عن مالك : خمس سنين.
وقال الليث بن سعد (١) ثلاث سنين.
وعن الزهري : سبع سنين ، وهذا الحكم لا يؤخذ من الآية ، وإنما أخذ من الوقوع ، والوقوع فرع الصحة.
قال في الكشاف : وروي أن الضحاك ولد لسنتين ، وهرم بن حيان بقي في بطن أمه أربع سنين ، ولذلك سمي هرما.
وروي عن عجلان أنه قال : امرأتي كانت تلد لأربع سنين ، ولدت ولدا لأربع سنين قد نبتت ثنيتاه.
__________________
(١) (ذكره في تاريخ ابن خلكان تمت).