باب الاهتمام بشأنه (وعلى كل حال) قد تقدم في أول الكتاب أن علم الأصول هو العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية أي الكلية وإن أهملوا التقييد بالكلية ولعله لوضوحه فكل مسألة مندرجة تحت غرض الأصول وهو استنباط الأحكام الشرعية الكلية فهي مسألة أصولية وإلا فلا (وعليه) مسألة الاستصحاب التي هي عبارة أخرى عن قولك كل مشكوك البقاء باق حيث تقع في طريق استنباط الأحكام الشرعية الكلية كما في الاستصحابات الجارية في الشبهات الحكمية هي من المسائل الأصولية (فتقول) مثلا وجوب صلاة الجمعة مشكوك البقاء وكل مشكوك البقاء باق فوجوب صلاة الجمعة باق (أو تقول) نجاسة الماء المتغير الزائل تغيره بنفسه مشكوكة البقاء وكل مشكوكة البقاء باقية فنجاسة الماء المتغير الزائل تغيره بنفسه باقية وهكذا إلى غير ذلك من الشبهات الحكمية وليست هي من المسائل الفقهية إذ ليس مفادها حكم العمل بلا واسطة بأن يكون موضوعها عمل المكلف ومحمولها الحكم الشرعي كما في وجوب الصلاة والزكاة وحرمة الزنا والقمار ونحو ذلك كي تكون المسألة فقهية.
(نعم) إذا وقعت مسألة الاستصحاب في طريق استنباط الأحكام الشرعية الجزئية كما في الاستصحابات الجارية في الشبهات الموضوعية فهي من القواعد الفقهية نظير قاعدة الطهارة وقاعدة الحل وقاعدة الفراغ وأصالة الصحة ونحو ذلك من القواعد للتي يستنبط بها أحكام شرعية جزئية كطهارة هذا وحلية ذاك أو صحة هذا وتمامية وذاك وهكذا (ولك أن تقول) في الفرق بين المسائل الأصولية والقواعد الفقهية غير ما تقدم من كون الأول مما يستنبط به أحكام شرعية كلية والثاني مما يستنبط به أحكام شرعية جزئية إن إعمال المسألة الأصولية واستنباط الحكم الشرعي الكلي بها ليس إلّا من شأن المجتهد بخلاف القاعدة الفقهية فيمكن إعطائها بيد العامي فيعملها في موارد خاصة ويستنبط بها أحكاماً شرعية جزئية (فيقول) مثلا هذا مشكوك الطهارة وكل مشكوك الطهارة طاهر ولو لما أفتى به