ما كان مدركها العقل فلا يعتبر الاستصحاب فيه وبين ما كان مدركها النقل فيعتبر الاستصحاب فيه فهذا شروع من المصنف في تضعيف هذا التفصيل كما ينبغي
(قال الشيخ) أعلى الله مقامه في ذيل تقسيم الاستصحاب باعتبار الدليل الدال على المستصحب (ما لفظه) الثاني من حيث انه قد يثبت أي المستصحب بالدليل الشرعي وقد يثبت بالدليل العقلي ولم أجد من فصَّل بينهما إلا أن في تحقق الاستصحاب مع ثبوت الحكم بالدليل العقلي وهو الحكم العقلي المتوصل به إلى حكم شرعي تأملا نظراً إلى أن الأحكام العقلية كلها مبيّنة مفصلة من حيث مناط الحكم والشك في بقاء المستصحب وعدمه لا بد وأن يرجع إلى الشك في موضوع الحكم لأن الجهات المقتضية للحكم العقلي بالحسن والقبح كلها راجعة إلى قيود فعل المكلف الّذي هو الموضوع فالشك في حكم العقل حتى لأجل وجود الرافع لا يكون إلّا للشك في موضوعه والموضوع لا بد ان يكون محرزاً معلوم البقاء في الاستصحاب كما سيجيء (انتهى) موضع الحاجة من كلامه هاهنا (وقال أيضاً) في التنبيه الثالث من تنبيهات الاستصحاب (ما لفظه) الأمر الثالث أن المتيقن السابق إذا كان مما يستقل به العقل كحرمة الظلم وقبح التكليف بما لا يطاق ونحوهما من المحسنات والمقبحات العقلية فلا يجوز استصحابه لأن الاستصحاب إبقاء ما كان والحكم العقلي موضوعه معلوم تفصيلا للعقل الحاكم به فان أدرك العقل بقاء الموضوع في الآن الثاني حكم به حكما قطعياً كما حكم أولا وإن أدرك ارتفاعه قطع بارتفاع ذلك الحكم ولو ثبت مثله بدليل لكان حكماً جديداً حادثاً في موضوع جديد واما الشك في بقاء الموضوع فان كان الاشتباه خارجي كالشك في بقاء الإضرار في السم الّذي حكم العقل بقبح شربه فذلك خارج عما نحن فيه وسيأتي الكلام فيه وان كان لعدم تعيين الموضوع تفصيلا واحتمال مدخلية موجود مرتفع أو معدوم حادث في موضوعية الموضوع فهذا غير متصور في المستقلات العقلية لأن العقل لا يستقل بالحكم الا بعد إحراز الموضوع ومعرفته تفصيلا (إلى ان قال)