(وأما قوة ردّ الفروع على الأصول) فإن كان المقصود من الاجتهاد هو ذلك الفعل الخارجي الّذي قد أشير إليه غير مرة وهو استفراغ الوسع كما استظهرناه فنعم ان الاجتهاد هو مما يتوقف على تلك القوة (وأما إذا كان) المراد من الاجتهاد هو نفس الملكة أي ملكة يقتدر بها على استنباط الأحكام الشرعية فالاجتهاد هو نفس تلك القوة عيناً أي قوة ردّ الفروع على الأصول لا هو مما يتوقف عليها وجوداً وخارجاً (وعليه) فما حاوله المحقق القمي أعلى الله مقامه في تنبيه مستقل من تصحيح توقف الاجتهاد عليها حتى على القول بكون الاجتهاد هي الملكة بدعوى ان الملكة التي هي عبارة عن الاجتهاد هي الملكة الخاصة المترتبة على مجموع شرائط الفقه التي من جملتها الملكة العامة أعني تمكن ردّ مطلق الجزئيات إلى الكليات والفروع إلى الأصول لا ردّ جزئيات الفقه إلى كلياته مما لا يخلو عن تكلف بل هو عجيب جداً.
(وأعجب منه) ما ذكره الفصول في آخر الأمور المتوقفة عليه الاجتهاد (قال) ومنها أن يكون عالماً بجملة يعتد بها من الأحكام علما فعلياً بحيث يسمى في العرف فقيهاً كما في النحوي والصرفي فإنهما لا يصدقان عرفاً بمجرد حصول الملكة بل لا بد معها من الفعلية المعتدة بها عند أهل الصناعة (قال) وهذا الشرط قد ذكره بعض أفاضل متأخري المتأخرين.
(ثم قال) والتحقيق ان الملكة المعتبرة في الاجتهاد المطلق أعني الملكة الكلية لا يحصل غالباً إلا بالممارسة المستلزمة للفعلية المذكورة (انتهى) موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه.
(أقول)
إن الاجتهاد سواء كان عبارة عن ملكة يقتدر بها على الاستنباط أو كان عبارة عن ذلك الفعل الخارجي الخاصّ وهو استفراغ الوسع في تحصيل الأحكام الشرعية ليس هو مما يتوفق على العلم بجملة يعتد بها من الأحكام أبداً بل العلم بتلك الجملة