وعليه فدعوى عدم كون إرادته من سنخ الأفعال الصادرة عن الاختيار ، حتى يكون موجودا قائما بنفسه أو بموجود آخر ، فاسدة.
وعلى الجملة ليس قيامها به الا كقيام سائر الأفعال به ، بل هي هي.
الثاني ما في مقالات المحقق العراقي (ره) من أن انعزال الإرادة (أي الشوق) عن التأثير وكون تمام المؤثر هو الاختيار (أي أعمال القدرة) خلاف الوجدان. كيف ويعتبر في العبادات أن تكون ارادة قربية ، ولو انعزلت الإرادة عن التأثير فلا معنى لارادية العبادة ولا لنشوّها عن قصد القربة ، وهو كما ترى (١).
أقول : ينبغى أن يعد صدور هذا الكلام من هذا المحقق النحرير من الغرائب ، وذلك لان المراد من ارادية الفعل صدوره عن الاختيار الذي يكون واسطة بين الشوق والفعل ، ومعنى اعتبار الإرادة القربية في العبادة أنه حيث يكون الاختيار بدواعى مختلفة فيعتبر في العبادات أن يكون بداع القربة ويكون المحرك أمر المولى ، وهذا لا ينافي ثبوت الواسطة بين الشوق والعمل.
الثالث ما في تقريرات بحثه ، وحاصله : انا لا نتعقل شيئا في النفس يحدث بعد الإرادة ، إذ للنفس قسمان من الفعل ، الجانحي ، والجارحي ، والاول ينحصر في التصور والتصديق ونحوهما مما يكون من مبادئ الإرادة ولا يعقل تأخره عنها ، والثانى نفس الأفعال الخارجية.
وفيه : ان المدعى ثبوت فعل من ما يكون من قبيل القسم الأول أي الفعل
__________________
(١) مقالات الأصول ج ١ ص ٢١٣ (بحث في الطلب والارادة).