الثالث : ما أفاده المحقق اليزدي في درره (١) ، وحاصله ، ان العلم المأخوذ في الموضوع ، قد يؤخذ على وجه الطريقية ، والمراد به ان المعتبر هو الجامع بينه وبين سائر الطرق المعتبرة ، وقد يؤخذ على نحو الصفتية ، أي يلاحظ خصوصيته المختصة به دون سائر الطرق ، وهو الكشف التام المانع عن النقيض ، وكذلك الشك هنا قد يلاحظ بمعنى انه عدم الطريق ، وقد يلاحظ بمعنى صفة التردد القائمة بالنفس ، إذ الشك بمعنى عدم العلم ، فان لوحظ العلم طريقا ، فمعنى الشك الذي في قباله ، هو عدم الطريق ، وان لوحظ صفة فكذلك ، وحيث ان ظاهر أدلة الاستصحاب وسائر الأصول كون العلم مأخوذا فيها طريقا فمفاد قوله (ع) لا تنقض اليقين بالشك ، انه في صورة عدم الطريق إلى الواقع يجب إبقاء ما كان ثابتا بطريق ، وإذا دلَّ دليل على حجية أمارة ، يرتفع موضوع الحكم الذي كان معلقا على عدم الطريق.
وفيه : ان الظاهر من اخذ العلم في الموضوع كونه طريقا تاما لا يحتمل الخلاف ، وحمله على ارادة الجامع بين الطرق المختلفة بحسب المراتب ، خلاف الظاهر لا يصار إليه إلا بقرينة مفقودة في المقام ، بل ظاهر قوله بل ينقضه بيقين آخر ، حصر الناقض في خصوص ذلك الطريق الذي هو أقوى الطرق لا كل طريق.
وبذلك يظهر اندفاع الوجه الرابع : وهو ان الظاهر من اليقين وان كان هو الإحراز التام إلا انه اخذ في الموضوع ، بما انه احد أفراد الكلي ، ويكون من
__________________
(١) درر الفوائد للحائري اليزدي ج ٢ ص ٢٤٩.