قلنا انه مضافا إلى انه لا يتم مبنى أمارية الاستصحاب : ان الموضوع في الأمارة هو المكلف من حيث هو ، غاية الأمر : ان العالم وجدانا بالواقع يكون خارجا عن تحت دليل الاعتبار بحكم العقل ، لا بمقيد شرعي ، فان العقل يرى قبح حجية الأمارة لمن هو عالم بالواقع ، ومن الواضح ان القبيح هو التعبد في فرض العلم الوجداني ، دون التعبدي ، واما الموضوع في الاستصحاب فهو مقيد بالشك ، وعدم العلم إنما يستفاد من الدليل الشرعي ، وعليه فالتعبد بكون الأمارة علما رافع لموضوع الاستصحاب ، واما التعبد بعلمية الاستصحاب ، فلا يصلح رافعا لموضوع الأمارة ، فانه مقيد بعدم العلم وجدانا الثابت حتى مع الاستصحاب.
فان قلت ان ذلك بناءً على كون المجعول في باب الأمارات هو العلمية ، ويكون دليل حجيتها متعرضا لحكم الشك ، واما على القول بعدم دلالة دليل الحجية إلا على جعل مدلول الخبر واقعا وإيجاب معاملة الواقع معه ، فلا وجه للحكومة كما أفاده المحقق صاحب الدرر (ره) (١).
قلنا انه لو سلم ذلك يمكن تقرير الحكومة بأنه بما ان لسان دليلها ان المؤدى هو الواقع ، فوصوله بالذات ، وصول للواقع بالعرض ، فيكون دليل الأمارة دالا على وصول الواقع بالخبر.
وان شئت قلت انه بالالتزام يدل على وساطة الخبر لاثبات الواقع عنوانا.
وبعبارة ثالثة ان الموضوع في دليل الاستصحاب هو الشك في الواقع ، وهذا
__________________
(١) درر الفوائد للحائري اليزدي ج ٢ ص ٢٤٩ ـ ٢٥٠.