وفي الكافي بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «إنّا صُبَّر وشيعتنا أصبر منّا» ، قلت : جعلت فداك ، كيف صار شيعتكم أصبر منكم؟ قال : «لأنّا نصبر على ما نعلم ، وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون» (١).
و «الصُبَّر» : ـ بضمِّ الصاد وتشديد الياء المفتوحة. جمع الصابر.
«أصبر منا»: أي الصبر عليهم أشقّ وأشدّ ؛ لأنّا نصبر على ما نعلم ، وأظهر احتمالات الخبر : إنّا نصبر على ما تعلم نزوله قبل وقوعه وهذا ممَّا يهوَّن المصيبة ويسهِّلها ، وشيعتنا تنزل عليهم المصائب فجأة مع عدم علمهم بها قبل وقوعها ، فهي عليهم أشد ، ويحتمل أن يكون المراد : إنا تصبر على ما تعلم كته ثوابه ، والحكمة في وقوعه ، ورفعة الدرجات بسببه ، وشيعتنا ليس علمهم بجميع ذلك كعلمنا ، وهذه كلُّها ممَّا يسكّن التنفس عند المصيبة ويعزّيها ، ويحتمل أن يكون المراد : إنا تصبر على ما تعلم عواقبه وكيفية زواله ، وتبدُّل الأحوال بعده ، كعلم يوسف عليهالسلام في الجبّ بعاقبة أمره ، واحتياج الإخوة إليه ، وكذا علم الأئمة عليهمالسلام برجوع الدولة إليهم ، والانتقام من أعدائهم ، وابتلاء أعدائهم بأنواع العقوبات في الدنيا والآخرة (٢).
قيل : (ولأجل أنَّ الصوم من الصبر قال تعالى : كلّ عمل ابن آدم له إلا الصوم ، فإنَّه لي وأنا أجزي به) (٣).
وقال بعضهم :
__________________
(١) الكافي ٢ : ٩٣ ح ٢٥.
(٢) هذا البيان ذكره العلّامة المجلسي رحمهالله في شرحه للحديث في بحار الأنوار ٦٨ : ٨٠.
(٣) ورد معناه في مسند أحمد ٣ : ٤٤٣ ، سنن أبي داود ٣ : ١٥٨ وغيرها.