إلهي متّعتني بهما ما شئت ، وسلبتني ما شئت ، وأبقيت لي فيك الأمل ، يا بَرُّ يا وَصول» (١).
ورُوي : «أنَّ مؤذّناً كان لمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام يدخل منزله ، فرأى فيه خادمة فهواها ، وكلَّما التقى معها ، قال : اصبر حَتَّى يحكم الله وهو خير الحاکمين ، ثُمَّ إنَّ الخادمة أتت علياً عليهالسلام وأخبرته بهوي المؤذّن إياها ، فقال : ما قال لك؟ قالت : كلَّما رآني قال : اصبر حَتَّى يحكم الله ، فطلبه عليّ فقال : يا فلان الآن حكم الله ، فزوَّجها إياه ، فاستمتع منها حلالاً» (٢).
شعر :
فلمَّا رأيتُ النفسَ أوفَتْ على الرَّدى |
|
فٌزِعْتُ إلى صبري فأسلَمَني صبري |
وقال آخر :
على قَدْرِ فَضلِ المرءِ تأتي خُطوبُهُ |
|
ويُحمَدُ منهُ الصبرُ مِمَّا يُسيبُهُ |
فمَنْ قَلَّ فيما يبتغيهِ اصطيارُهُ |
|
لقد قَلَّ مِمَّا يَرتجيهِ نصيبُهُ (٣) |
فعليك يا أخي بتحمل تلك الأعمال المفضية إلى الجنَّة ، والتجنُّب عن الأعمال الموصلة إلى النار ، وفَّقنا الله وجميع إخواننا المؤمنين لما فيه الفوز بدار جنَّات النعيم والخلاص من درکات الجحيم ، وقد مدح الله تعالى الصبر في كتابه العزيز في مواضع كثيرة ، وأمر به وجعل أكثر الخيرات مضافاً إلى الصبر ، وأثنی على فاعله ، وأخبر أنه سبحانه وتعالى معه ، وحثّ على التثبُّت في الأشياء ومجانية
__________________
(١) مسكن الفؤاد : ٨٧.
(٢) الأنوار النعمانية ١ : ٣١.
(٣) الشعر لابن المظفر ، وفيات الأعيان ٤ : ٣٩٧.