وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا
____________________________________
المسلمين وأمورهم الخفية (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) والغيبة هي ذكرك أخاك بما يكره ، ولو بالإشارة (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) فالغيبة بمنزلة أكل لحم الأخ الميت في شدة قبحه وكراهته ، ولعل التشبيه من باب أن للأخ ذاتا وذكرا فكما أن قطع قطعة من لحمه ولوكها في الفم قبيح كذلك قطع قطعة من ذكره «عرضه» ولوكها في الفم كذلك ، وقد جعل كونه غائبا مثل كونه ميتا في عدم شعور كليهما بما يصنع بلحمه وبذكره (فَكَرِهْتُمُوهُ) فكما كرهتم أكل لحمه أكرهوا أكل عرضه (وَاتَّقُوا اللهَ) خافوه في عصيانه ، وإذا اتقيتم الله وتبتم عما سلف منكم ف (إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ) كثير قبول التوبة (رَحِيمٌ) يرحم العباد فلا يعاقبهم بعد توبتهم.
[١٤] وحيث أن المعاصي السابقة الذكر تنشأ من رؤية الإنسان نفسه أرفع من غيره ، بيّن سبحانه أن لا رفعة لأحد على أحد إلا بالتقوى ، وإذا حصلت التقوى امتنع الإنسان عن تلك المعاصي (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) آدم وحواء عليهماالسلام أو أب وأم كل فرد ، فلا تفاضل في أصل الخلقة (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً) تجتمعون تحت عنوان واحد ، كاللغة والمدنية واللون ونحوها (وَقَبائِلَ) تجتمعون في أب تتشعب القبيلة وتنحدر منه ، وهذان أيضا لا يوجبان التفاضل ، وإنما جعلناكم شعوبا وقبائل (لِتَعارَفُوا) لأجل أن يتعرف بعضكم على