وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٦) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٧) إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
____________________________________
استفهام إنكاري (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) فهل من يعلم كل شيء يخفى عليه إيمانكم ـ إن كان لكم إيمان ـ حتى يحتاج إلى إخباركم بأنكم آمنتم؟ (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) وهذا أعم من «يعلم ...» لأن الأول يشمل الموجودات فقط ، وهذا يشمل حتى غير الموجودات ، قال بعض المفسرين روي أنه لما نزلت الآية المتقدمة جاءوا وحلفوا أنهم مؤمنون معتقدون فنزلت هذه الآية (١).
[١٨] وإذا كان اللازم أن لا يتفوه الإنسان بأنه مؤمن ، لأن الله لا يحتاج إلى ذلك بل هو عليم بكل شيء ، فمن اللازم المؤكد أن لا يمنّ الإنسان بإيمانه (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ) يا رسول الله (أَنْ أَسْلَمُوا) فيعدون إسلامهم عليك منّة (قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ) فأنتم الذين انتفعتم بإسلامكم ، لا أنا (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ) لأنه أكبر إعطاء من الله للإنسان حيث يبصر بسببه طريقه في الدنيا ويسعد به في الآخرة ، ومعنى المنة أنه أحسن إليه (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في ادعاء الإيمان ، وإلا فعدم منة الله ، من باب السالبة بانتفاء الموضوع.
[١٩] (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ما غاب عن الحواس فيهما
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ص ٢٣٢.