وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)
____________________________________
المعاند النار ، وكذلك بإدخال الشيطان الذي أغواه ، أما إدخال المذنب من المؤمنين الجنة بالشفاعة ونحوها ، فليس من تبديل القول ، لأن عذابه مشروط بعدم الشفاعة ونحوها ، فإذا انتفى الشرط انتفى المشروط (وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فليس عذابي إياكما ظلما وإنما قال «ظلام» لأن العذاب إذا كان ظلما كان ظلما فظيعا لكثرة العذاب واستمراره ، ويمكن أن تكون الصيغة للنسبة ، لا للمبالغة ، كما قال ابن مالك :
ومع فاعل وفعال فعل |
|
في نسب أغنى عن اليا فقبل |
[٣١] كل هذه الكلمات مع الملك ومع الشيطان وبين الشيطان والكافر يكون (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ)؟ والظاهر أن السؤال حقيقي ، فإن لكل شيء حالة تعقّل وإدراك مع الله ، كما يظهر من متواتر الآيات والروايات ، وأيده العلم الحديث ، وإن كانت إدراكاتها تتفاوت ، ويكون إدراك الإنسان فوق كل إدراك فلا يقال أن العقل خاص بالإنسان ، إذ ينقض ذلك بالحيوان الذي لا إدراك ولا عقل له ، والظاهر أن سؤال جهنم ، إنما هو لبيان جوابها الموجب لهول الكفار أكثر فأكثر ، فإنه فرق بين أن تقول للمجرمين لي «حية» تلدغكم جميعا ، وأن تسأل الحية ، وتجيب هي ، فإنه أشد هولا للمجرم (وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)؟ «مزيد» مصدر ميمي بمعنى الزيادة ، أي أن لي متسعا يتسع لكل زيادة ، وهذا لأجل التهويل ، فإنه فرق بين أن تلقي المجرم في نار مساحتها